دولة تنتج الإرهاب وتصدره، ثم تسوق نفسها على أنها القوة الأقدر على محاربته، فيما تتطلع أخرى تتسيد العالم إلى عقد شراكة معها لحرب الإرهاب، فهل هذه حماقة أم غطاء لقضية أخرى؟.
تحاول إيران من خلال ممارساتها وسياستها الخارجية أن تظهر بمظهر القوة التي لا تنازعها قوة في المنطقة، وذلك من خلال توسيع عملياتها في أكثر من مكان، فهي تحارب بشكل مباشر في سوريا والعراق وتتحكم بالمشهد السياسي في لبنان وتشعل حرباً في اليمن وتحرك أذرعها في البحرين ليحرقوا ويقتلوا رجال الشرطة، لكن في الواقع إيران متورطة في كل ذلك وتسعى لإيجاد صفقة تخرجها من هذه الورطة، فقوتها ليست بالصورة التي تروج لها، كونها تعاني من ضعف اقتصادي وتفكك داخلي، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنها ستفشل أو ستنحصر داخل حدودها لأن إيران تعتمد على سياسيين أقوياء يعملون على توظيف الأحداث الجارية في المنطقة لصالحها، ويضعون أنفها في كل ما يحيط بها وأبعد من ذلك لتخرج بمكتسبات جديدة، ومن ذلك نشرها الإرهاب في دول المنطقة والإمساك بخيوطه وتحريكه ثم تقدم العروض لأمريكا للمشاركة في القضاء عليه، وبذلك تخرج من ورطتها وتظهر على أنها شرطي المنطقة القادر على فرض الأمن فيها.
أما أمريكا فتعلو فيها أصوات تدعو إلى التعاون مع إيران وعقد شراكة معها لمحاربة الإرهاب في العراق الذي حرصت إيران على تصوير ما يحدث فيه إرهاب مصدره داعش أو دولة الخلافة الإسلامية كما هو اسمها اليوم، وصرف الأنظار عن قضية ثورة العرب السنة في كل العراق، لتجعل قتلهم وإبادتهم أمراً مبرراً، وكذلك لتصور لأمريكا أنه من الممكن أن يسيطر هؤلاء على بغداد وتسقط العملية السياسية التي صنعتها بعد الاحتلال، الأصوات المطالبة بإشراك إيران بمحاربة الإرهاب يقف خلفها الديمقراطيون. وقد صرح بذلك جون كيري وزير خارجية أمريكا عندما قال إن أمريكا منفتحة لمحادثات مع طهران إذا استطاعت الأخيرة أن تساعد في وقف العنف وإعادة بناء الثقة بالحكومة العراقية.
لكن هذا الرأي يجد معارضة من الجمهوريين على لسان جون مكين الذي قال إن مصالح وأهداف أمريكا وإيران في العراق متضاربة ويجب على أمريكا أن تحد من التدخل الإيراني في العراق ولا تشجعه، فالجمهوريون أخبر من الديمقراطيين بإيران فهم من تعاونوا معها في احتلال العراق وخلال مدة حكمهم كانت إيران تصول وتجول وتنشر الإرهاب في العراق، لكن الحديث عن شراكة ما يزال موجوداً.
عقد شراكة أمريكية إيرانية بقضية محاربة الإرهاب ستمنح إيران قوة إضافية في التفاوض لأن قواتها ستنتشر في العراق بشكل رسمي، وسيجعل من حديث أمريكا عن مكافحة الإرهاب شعارات كاذبة وستكون غطاء لوضع جديد يستهدف دول الخليج قبل غيرها.