الصراع السياسي، وتجاذباتها، وتداعيات الأوضاع الإقليمية أبعدت الاهتمام والحديث عن الفساد الأخلاقي الذي يعتبر المسكوت عنه في المجتمع.
الدولة اهتمت كثيراً بمعالجة التجاوزات الإدارية والمالية في مؤسساتها، ونشر ثقافة مكافحتها، ولكن الاهتمام بالفساد الأخلاقي لم يحظى بذات الاهتمام رغم معرفة الجميع أبعاد هذه المعضلة ونتائجها التي تجعل المجتمع هشاً وضعيفاً وتكون نتائجه الاجتماعية كبيرة للغاية ووخيمة جداً.
من مشاكل الفساد الأخلاقي أنه تحول إلى حالة مؤسسية، فصارت مكافحته مذمومة وتحظى بدعم مجموعة من الأطراف والقوى السياسية وحتى بعض مؤسسات المجتمع المدني وحتى عدد من المؤسسات الإعلامية.
قرار هام طال انتظاره مجتمعياً لينهي التجاوزات الأخلاقية التي تشهدها بعض المؤسسات الفندقية (فئة 3) نجوم، ويساهم في تحسين سمعة القطاع السياحي البحريني، ولكن هناك من يرفض حتى الآن.
سبب الرفض ليس حرصاً على هذا القطاع، وإنما حرصاً على المكاسب الذاتية والربح المتوحش الذي يحاول أصحاب هذه المنشآت الفندقية الحصول عليه دائماً دون اكتراث للممارسات أو السمعة أو المشاكل التي أدت إليها أنشطتهم التجارية (السياحية).
قرار وزيرة الثقافة بمنع الخمور والصالات الفنية من فنادق الثلاث نجوم خطوة كان المفروض دعمها من قبل كافة الجهات. وهي خطوة تأتي في سياق الاعتراف بالمشكلة وإنهاء حالة المسكوت عنه لمعالجة مشكلة طال أمدها، وحان أوان حسمها، وهذا القرار يجب أن يكون بداية نحو مراجعة شاملة لهذا القطاع، وضمان وصوله إلى مستويات متقدمة من المعايير والخدمات التي يستحقها الجمهور المستهدف. لذلك لا ينبغي التراجع عن القرار الأخير مهما كانت المبررات، كما أن المطالبات الوهمية بالتمديد أو منح مهل لا ينبغي الالتفات لها، فلا يمكن القبول باستمرار اقتصاد الفساد الأخلاقي نهائياً، لأنه ربح متوحش.
قطاع السياحة بوزارة الثقافة حدد منذ فترة الجمهور المستهدف من السياحة البحرينية، وهناك تصريحات حكومية سابقة منذ فترة حددت دوائر الاستهداف، وهي العائلات الخليجية. وأعتقد أن الإحصائيات التي تنشرها وزارة الداخلية أسبوعياً بشأن عدد زوار المملكة تثبت دقة هذا التوجه، حيث يزورها نحو ربع مليون زائر أسبوعياً تشكل العائلات الخليجية السواد الأعظم منها. وإذا كان التوجه جاداً وحقيقياً، فالخطوات الأولى لتصحيح القطاع السياحي تبدأ من القرار الأخير لوزارة الثقافة.
البحرين بحاجة لسياحة راقية، سياحة تسوق وتراث وفعاليات لا تتوقف، وخطوات وزارة الثقافة بإقامة الفعاليتين الرئيسيتين في العام (مهرجان ربيع الثقافة، ومهرجان صيف البحرين) مهمة للغاية، ويجب أن تتطور هذه الفعاليات بشكل أسرع، لأنها فعاليات تستهدف جانباً مهماً من اهتمامات العوائل الخليجية.
هي مجموعة خطوات بدأها قطاع السياحة في وزارة الثقافة، لا تحتاج إلا إلى الدعم وليس غيره، الدعم السياسي، والدعم المالي، والدعم الشعبي، وأيضاً الدعم الإعلامي.