تقترب مفاوضات إيران النووية مع الغرب نحو نهايتها يوماً بعد آخر، وعلى الأرض تطورات دراماتيكية سريعة وفوضى تهدد مصالح الغرب لا شك لإيران فيها دور كبير، فتأتي لتلوح بورقة داعش محاولة وضعها على طاولة المفاوضات.
يوم الخميس الماضي نقلت وكالة مهر الإيرانية الرسمية عن محمد جواد ظريف، وزير خارجية إيران، قوله: «إذا قبلنا القيام بشيء في العراق، على الجانب الآخر أن يقوم بشيء مقابل»، ولا شك أنه يقصد مجموعة 5+1، الخاصة بمفاوضات الملف النووي الإيراني، لا سيما أن من ضمن التصريحات التي نسبت له في الخبر نفسه قوله «ستقبل إيران القيام بخطوة في محاربة تنظيم داعش لقاء تقدم في المفاوضات النووية»، ليستخدم بذلك التصريح داعش ورقة للعب في المفاوضات والتأثير على الدول الغربية التي شعرت بتهديد حقيقي لمصالحها في الشرق خصوصاً بعد تقدم داعش الأخير في الأراضي الواقعة تحت سيطرة كردستان، والثمن الذي تريده إيران واضح صرح به ظريف بقوله «على مجموعة 5+1 تبني قرار في مجلس الأمن الدولي لرفع كل العقوبات المفروضة على إيران».
بهذا الربط تريد إيران إيصال رسالة للغرب مفادها أنها تمسك بخيوط داعش، وأن أمن واستقرار المنطقة مرتبط بتقدم مفاوضات الملف النووي لصالحها وحصولها على حق امتلاك السلاح النووي لتعود شرطي الخليج من جديد، لكن هذه المرة شرطي محصن بالسلاح النووي فتخضع جميع الدول العربية لإرادتها وقيادتها وتتدخل في دول المنطقة بحجة حماية الأقليات الدينية التابعة لها، إلا أن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن.
ففي اليوم التالي لتصريح ظريف خرجت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية لتقول إن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة وأن الوزير قال «إذا ما وافقنا على عمل بعض الأشياء في المنشأة النووية في مدينة آراك...» ويبدو من التصريح أنهم أرادوا التراجع فليس من المعقول أن يكون هناك لبس فيما نشرته وكالة رسمية بوضوح ونسبت للوزير الحديث عن العراق وداعش وهو يتحدث عن إيران.
ربما كان التراجع بسبب معرفتهم موقف الغرب من هذا الطرح، وأياً كان سبب التراجع فهو يدل على أن الغرب لا يريد إيران نووية وأنه لا يسمح لإيران ابتزازه بقضية داعش وإن كان يخشى من هذا التنظيم ويتحرك للقضاء عليه، وأنه يعول في هذا الموضوع على العرب، وقد وردت الإشارات في هذا الجانب من خلال كلمة مساعد وزير الخارجية الأمريكي أمام الكونغرس قبل أيام.
من مصلحة الغرب والعرب على حد سواء عدم حصول اتفاق مع إيران نتيجته منحها الحق في السلاح النووي، لأنها ستكون الرابح الوحيد وستفرض نفسها شرطياً نووياً على الخليج، أما في اتفاق العرب مع الغرب فستكون المكاسب مشتركة ولن يكون أحد مضطر للجوء إلى إيران.