إن حافظت السلطة على وعدها بحماية الميثاق والدستور من أية خروقات أوتجاوزات من الآن وإلى أن يحين موعد الانتخابات، والتزمت الدولة بهما كآلية لإدارة الخلافات وإدارة موارد الدولة، ولم تخرج ولم تحنث بقسمها في اعتماد غيرهما مرجعية (للتسويات) والتزمت بالثوابت، وكذلك فعلت بقية الأطراف، فإن الدولة ستجتاز عنق الزجاجة بإذن الله بعد ثلاث سنوات من محاولة إسقاط الدولة.
لقد أمسك شعب البحرين بجمر الاثنين معاً منذ الرابع عشر من فبراير 2011 حين كانت جماعة الولي الفقيه تعمل بكل جهدها وعبر كل أجهزتها وبمساندة الولايات المتحدة الأمريكية على إلغائهما وتجاوزهما، حتى السلطة جاء عليها وقت كانت على استعداد «للتفاهم» مع هذه الجماعة والوصول إلى حلول وسط معها وكانت كلها في نهايتها ستفضي إلى القفز على الاثنين (الدستور والميثاق) وتسوية الخلافات خارج إطارهما، دون اكتراث بتبعات هذا النهج على المدى الطويل، كان نفساً قصيراً ينظر إلى تجاوز المرحلة، ولا ينظر للدولة كبناء تراكمي لا ينفع معه الهدم في كل مرة والبدء من جديد.
برغم كل المرارة وحرقة جمر الثبات فإن الدول تبنى بتمسكها بثوابتها تقوية لبنائها المرحلي وتقوية لدعائمها كي تتمكن من الانتقال للمرحلة التالية دون هزات متكررة، وتمسك الدولة البحرينية اليوم بثوابتها كآلية لإدارة الخلافات وآلية لإدارة موارد الدولة هو طريقها الوحيد للنجاة، أما خضوعها للتهديدات اليومية المباشرة منها التي يطلقها الأمين العام الذي قال إنه سيحول البحرين إلى عراق ثانٍ أو المبطن منها كما جاء في الوسط بالأمس الذي هدد البحرين بالالتزامات الدولية ماذا وإلا، أو تهاونها أو الاستسلام لنفسها القصير والقبول بأية «تسويات» خارج إطار هذه الثوابت فإنه هدم لأركان الدولة والأخطر أنه القبول بمبدأ الهدم والبدء من جديد في كل مرحلة من مراحل نموها كلما أرادت فئة أو مجموعة أو جماعة مطالب أوكانت لها رؤية مغايرة.
على الجميع أن يعرف أن الإطار الدستوري هو المرجعية الوحيدة لحراكنا من الآن فصاعداً، وأن أي محاولة لتجاوزها ستجد صداً ومقاومة من شعب البحرين قبل سلطاتها.
لقد تعلمت عجائزنا وأطفالنا وشيبنا وشبابنا معنى الدستور والميثاق وقيمتهما من جديد بعد التصويت أضعاف ما تعلموه حين صوتوا عليه، فقد سالت دماء وأريقت وأزهقت أرواح بشر حماية، وصوناً لهذه الثوابت، ذهبت أرواح خليجية ماتت من أجل ثوابتنا، فإن تحمل الشعب كل ما تحمله طوال السنوات الثلاث السابقة وعض على جمرها من أجل أبنائه وأجياله القادمة فلن يقبل بأن تذهب جهوده سدىً.
عبور «بوابة الانتخابات» هو انتصار «للدولة» انتصار للمؤسسية وللقانون انتصار لجميع المواطنين سنة وشيعة وبقية من طوائف وإثنيات، لا انتصار لفئة على أخرى كما تروج تلك الجماعة تهديداً وابتزازاً، فالوطن للجميع، هو تثبيت للثوابت وتمسك بها واعتمادهما مرجعية للجميع في الدولة دون استثناء، بدءاً بسلطات جلالة الملك واختصاصاته وتقيدهما بتلك المرجعيات ومروراً ببقية السلطات وانتهاء بالأفراد لتثبيت حقوقهم والتزاماتهم ولا شيء يعلو عليهما ولا مرجعية ملزمة فوقهما، وأي تخاذل في حفظ هذه الثوابت هو خيانة لها وعجز عن تحمل مسؤوليتها، وحنث بيمين الحفاظ عليها.