تعتبر البحرين من الدول السباقة على مستوى المنطقة في مجال تمكين المرأة سياسياً واجتماعياً وأسرياً وترشيد التشريعات الخاصة بها ورفع التمييز السلبي عن كاهلها، حيث عملت على بذل جهود طلائعية بهدف تحسين أوضاع المرأة في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية باعتبارها ركناً أساسياً من أركان المجتمع ورافعة أساسية من روافع التنمية الشاملة. وقد تمثلت المبادرة الأم في هذا المجال، بإنشاء أول مؤسسة سيادية مختصة بقضايا المرأة على مستوى الخليج العربي والمنطقة، وهي المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة العاهل المفدى.
واليوم، وفي الوقت الذي نحتفل فيه جميعاً بالعيد الثالث عشر من عمر هذا المجلس الركين، فلا بد من القول بأن المسار التاريخي لحركة نهوض المرأة البحرينية في عهد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة يشير إلى أعياد أخرى، أيضاً، وأيام لامعة على رزنامة الوطن والمرأة في البحرين، تجسدت فيها روح الانبعاث التي واكبت مسيرة تمكين المرأة البحرينية، وتكريس ريادتها في مجالات واسعة ورئيسة، وميادين عملية وفكرية وسياسية وبرلمانية واقتصادية كان بعضها وحتى وقت قريب جداً حكراً على الرجال.. ولا شك أن أول هذه الأيام هو الثاني والعشرين من شهر أغسطس عام 2001، حيث صدرت في هذا اليوم الإرادة الملكية السامية بإنشاء المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة.
ومنذ ذاك اليوم -الثاني والعشرون من أغسطس 2001- أخذ المجلس على عاتقه مسؤولية تمكين المرأة البحرينية وإنهاضها، واعتبرت سموها من موقع رئاستها للمجلس هذا الهدف، أولوية من الأولويات التي يمكن استلهامها بشكل مباشر وحتمي من روح وبنود المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، ومن تطلعات المرأة البحرينية وقدراتها ومؤهلاتها التي سجلت في الماضي والحاضر ريادات رائعة في مختلف ميادين الحياة والإبداع والعطاء..
وبفضل مصفوفات متكاملة ومترادفة من المشاريع والاستراتيجيات التي عمل المجلس الأعلى للمرأة على إرسائها وتفعيلها واقعاً حتمياً من مشهديات النهضة وروافعها، فقد احتلت القضايا المتعلقة بالمرأة البحرينية مقدمة أولويات الخطط الاقتصادية والاجتماعية والبرامج السياسية، حيث ترسخ مفهوم تمكين المرأة على نحو مجتمعي ومؤسسي، وتم التأكيد فعلياً وتشريعياً على حقها الطبيعي بالمشاركة الكاملة في عمليات التنمية، باعتبارها مكافئاً كامل الأهلية للرجل. كما أصبحت الاستراتيجيات البحرينية المفضية إلى إدماج المرأة في العمليتين التنموية والنهضوية، مصدراً لكثير من الفعاليات الرسمية والمجتمعية، وصولاً إلى أعماق الثقافة المجتمعية والمتن الاجتماعي، ونصوص ومبادىء القوانين والتشريعات البحرينية، التي سجلت خلال عمر المجلس مرتقيات عالية جداً ومتقدمة للغاية تجاه مناهضة التمييز السلبي للمرأة وتسكين كافة حقوقها الأسرية والاجتماعية بما في ذلك جنسية الأبناء والحصول على الخدمات الإسكانية وغير ذلك من المواد والمعطيات المتقدمة على غيرها ضمن الإقليم الكبيرالمحيط بالبحرين والمنطقة.
هناك أيضاً جائزة صاحبة السمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة لتمكين المرأة البحرينية، والتي تمنح كل سنتين لأفضل الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة المتميزة في مجالات دعم وتمكين المرأة البحرينية العاملة. وبفضل هذه الجائزة التي تعتبر الأولى من نوعها عربياً وإقليمياً، فقد أصبحت عملية تمكين المرأة البحرينية، مجالاً للمنافسة الإيجابية بين مؤسسات الوطن الحكومية والخاصة، وصارت قيم إعلاء شأن المرأة البحرينية، جزءاً جوهرياً من أدبيات مجتمع العمل البحريني بشقيه: الرسمي والخاص.
ومن خلال طرح وترسية (الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية) من قبل المجلس الأعلى فقد جرى التأكيد بأعلى تعبير رسمي ممكن عن حرص جلالة الملك على تدعيم مكانة المرأة البحرينية، وفتح كافة السبل أمامها، لتأخذ حظها من الشراكة الوطنية في صناعة التنمية والنهضة، والفوز بحصتها الكاملة والعادلة من ثمارهما..
كما كان للمجلس الأعلى الدور الرائد والمقدام في إرساء أعلى قواعد التنسيق والمشاركة مع مختلف مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والروابط النسوية المتخصصة والنوعية والعامة، وتمثيل كافة أطياف وفئات المجتمع البحريني بتعدد تلاوينه، وعمل المجلس جاهداً على إدماجها في العمل العام وتعزيز مكانتها وأدوارها في مختلف الميادين والمجالات، وحرص على تمثيلها في البرامج والاستراتيجيات وخطط وفرق العمل ومختلف جوانب الشأن الوطني التي عمل المجلس الأعلى على مقارتها والانخراط فيها..
إنها أيام خالدة في تاريخ المرأة البحرينية، وفي مسيرتها النهضوية.. وهي بالتأكيد أيام ومناسبات خالدة في وجدان كل بحريني وبحرينية وسوف تظل أياماً تمثل محطات أساسية على طريق حركة قاطرة النهضة النسوية البحرينية.