تابعت ما نشرته الصحافة المحلية عن الإعلان عن مشروع تأسيس الجمعية السياسية الجديدة التي اتخذت لها اسم «الوطن»، وكنت قد حضرت المؤتمر الصحافي الذي عقده مؤسسوها بفندق الخليج الثلاثاء الماضي، وشرحوا من خلاله رؤية الجمعية وأهدافها والأنشطة التي يعتزمون ممارستها، وكلها جميل ولافت؛ خصوصاً وأنهم بينوا أنهم اعتمدوا إلى جانب الرؤية السياسية رؤية تنموية تسهل لهم تحقيق رؤيتهم السياسية، ما يعني أنهم يتجهون صوب ترجمة الكلام إلى عمل وأنهم لن يكتفوا برفع الشعارات.
جاء في البيان الصحافي الذي تم توزيعه ونشرته الصحف أن «أبواب الجمعية ستكون مفتوحة لجميع البحرينيين ممن تنطبق عليهم شروط الانضمام للجمعيات السياسية لنتمكن من خدمة مجتمعنا، ولكن مع فارق واضح يتمثل في أننا لن نرفع الشعارات، ولكن سنعمل على تحقيق ما يرتقي بالمواطن ويسهم في ازدهار الوطن»، هذا يعني أنهم اتخذوا قراراً بالتحدي وأنهم سيكونون مختلفين عن الآخرين الذين لم ير المواطن منهم سوى الشعارات التي يرفعونها، فصار يخدمهم بدل أن يعينونه على حل مشكلاته وخدمته والارتقاء به.
وما يفهم من عبارة أن أبواب الجمعية ستكون مفتوحة للجميع هو أن هذه الجمعية ستكون بعيدة عن الطائفية، وأنها عكس كثير من الجمعيات السياسية لا تنظر في دين ولا مذهب الراغب في الانتماء إليها، وهو ما تأكد في المؤتمر الصحافي؛ حيث الحاضرون من المؤسسين كانوا من المنتمين إلى الشيعة والسنة ويمثلون مختلف شرائح المجتمع، ما يبشر بدخول عامل جديد في الساحة السياسية المحلية يفترض أن يكون مؤثراً ومحركاً للركود الذي يسود هذه الساحة اليوم.
حسب البيان الصحافي فإن اختيار اسم «الوطن» لهذه الجمعية هو للتأكيد أنها ستستوعب الجميع من دون استثناء، وأن اختيارهم للشعار الذي أعلنوا عنه وأساسه طائر بجناحين المراد منه القول إن الوطن لا يمكن أن يحلق إلا بجناحيه، وهو ما يؤكد أن هذه الجمعية لن تكون لطائفة دون أخرى ولا لشريحة دون غيرها، وإنما ستضم الجميع وستعبر عن الجميع وستعمل على خدمة المواطن والوطن.
كل ما احتواه الملف الذي تم توزيعه على الصحافة يمكن أن يسهم في سد فراغ في الساحة ويعين على تغيير مفهوم الجمعيات السياسية، لكن هذا حتى الآن مجرد كلام، أي أنه لا بد أن يرى الجمهور ترجمة عملية له على أرض الواقع ليمنح الجمعية ثقته، ففي هذا الصدد قيل من قبل كلام كثير وكان جميلاً ولكنه لم يطبق ولم يتحول إلى فعل، لذلك فإن المأمول من هذه الجمعية أن تكون بالفعل مختلفة عن الجمعيات السياسية الأخرى، وأن يجد فيها المواطن البحريني ما يفتقده في غيرها وأن يستفيد منها، خصوصاً وأنها تطرح -حسب ما تم بيانه في المؤتمر الصحافي- حلولاً تتمثل في الأخذ بيد المواطن ومساعدته على حل مشكلاته بدل استغلاله وتحويله إلى أداة للتعبير عن شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.
في مؤتمرهم الصحافي تمكن الحاضرون من مؤسسي الجمعية الجديدة من توفير جو جميل بحديثهم عن الوطن وعن آمالهم وطموحهم وبحماسهم لخدمة المواطنين جميعاً، وهذا أمر جميل ومفرح ويعبر عن صدق النية، ولكن كل هذا سيضيع ولن يكون له قيمة إن لم يتبعه عمل أجمل منه يشعر الجمهور بقيمة الجمعية وأهمية ما تم طرحه من مبادئ ورؤية وأهداف، فهذا النوع من الرسائل يكون فاقد القيمة لو كان شفوياً فقط، حيث الوطن وخصوصاً في هذه المرحلة يريد أفعالاً وليس فقط أقوالاً.
السؤال بوضوح وقوة؛ هل ستكون هذه الجمعية البديل الذي انتظره المواطنون طويلاً أم مجرد رقم جديد يضاف إلى سجل الجمعيات السياسية التي كفر الكثيرون بها؟