سئم العالم من كذب دهاقنة السياسة في الدول الكبرى، وكبيرهم الذي علمهم السحر، فأضحت كل حججهم وألاعيبهم مكشوفة للرأي العام العالمي، لكنهم مصرون على استغفالنا، ويسوقون لنا بوجه صلف قبيح أباطيل لا تنطلي على أحد ليبرروا تدخلهم وانقضاضهم على أي بقعة تتجمع فيها مصالحهم.
منذ عقود مضت لم يحشروا أنفهم في أي بلد إلا وأحالوه إلى أثر بعد عين وأذاقوا شعبه سوء العذاب، ثم نصبوا أخس العملاء في سدته ليستمر حلبه واستنزافه، فلا تدق طبول حروبهم إلا لإسكات صوت مضطهد وأنين مفجوع ونصرة ظالم ومستبد، والشواهد كثيرة ولا ينكرها إلا ضال أو منافق.
فالكيان الصهيوني يمارس منذ ما يزيد على نصف قرن كل أشكال العنف والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني، وهم ينحنون له إجلالاً واحتراماً ويحصنونه بكل القرارات والأموال، والنظام السوري المسخ منذ أربع سنوات عجاف يبطش بشعب أعزل، مستخدماً كل أشكال العنف وحتى الأسلحة المحرمة دولياً وسط صمت دولي مريب.
أما نظام الملالي ومليشياتهم التي انتشرت كالسرطان في مناطقنا فحدث ولا حرج، فأصبح لديها من المخالب والأنياب ما تعجز كل المقاريض بعد اليوم عن تقريمها أو قلعها، فهي تمزق وتنهش جسد العراق ولبنان والشام وصنعاء، والتي سلمت أمرها للمفترس دون مطاردة أو حتى رفساً.
والقائمة تطول من الطغاة وانتهاكاتهم في شتى بقاع المعمورة أمام ناظري، تلك الدول التي تدعي زوراً أنها حامية الأمن والسلام العالميين، بالمقابل تجيش الجيوش وتتجمع الحشود وتتحرك الفرقاطات والأساطيل باعتبار الخطر داهم، وكما قال رئيسهم «الذئب على الأبواب»، فما ستفعله تلك الجحافل لا يتعدى ضرب البنى التحتية وإزهاق عشرات الآلاف من الأبرياء العزل وبث الرعب في شعوب المنطقة والتخلص من عتاد وأسلحة قاربت على انتهاء الصلاحية، ثم بعد أن تضع الحرب أوزارها سيتم تقاسم مناطق النفوذ بسايكس بيكو محدث، وسيتم إفراغ الخزائن وجدولة الديون لعقود، ثم ما تلبث أن تظهر لنا «داعش» بحلة جديدة ومنهج أكثر دموية بعد أن تجمع شيئاً من الحليب في ضرع تلك البقرة الحلوب.
إنها حرب استتنزاف اقتصادية لبوسها الإرهاب ليس إلا.