يمثل لقاء سمو ولي العهد بمجموعة من فعاليات وشخصيات المجتمع لإطلاعهم على آخر المستجدات بشأن استكمال المحور السياسي من الحوار الوطني نهاية مشهد التفاهمات السياسية بعد أزمة 2011.
سمو ولي العهد تمكن من إنجاز التكليف الموكل إليه من جلالة الملك باحتراف واقتدار يقدر لسموه وطنياً وتاريخياً، فإحراز تفاهمات سياسية محددة تم التوافق عليها من مختلف الأطراف تمثل مخرجاً سياسياً للأزمة الأخيرة، وينبغي أن يكون هذا هو المخرج النهائي والأخير.
البحرين بدأت بحوار التوافق الوطني الأول الذي جرى في صيف 2011 بمشاركة مختلف مكونات المجتمع، ثم استكمل المحور السياسي مرة أخرى في النسخة الثانية من الحوار في العام 2012 وكان حواراً يقتصر على مجموعة من الأطراف الأساسية في المجتمع من مكونات ومؤسسات، ولم يتكلل بالنجاح. وانتهى اليوم بالحوار الثنائي الذي كلف به جلالة الملك سمو ولي العهد لينجز خلال شهور قليلة.
قاعدتان أساسيتان سيطرتا على مشروع الحوار الوطني بنسخه الثلاثة، القاعدة الأولى تقوم على ضرورة إشراك كافة مكونات المجتمع لإحداث التفاهمات السياسية وفق توافق عام، والقاعدة الثانية استحالة تجاوز مكتسبات ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين.
القاعدة الأولى ضمنت عدم تهميش أي طرف في المجتمع، سواءً كان من مكوناته الإثنو ـ طائفية المتعددة، أو مؤسساته سواءً كانت من ضمن مؤسسات المجتمع المدني أو الجمعيات السياسية متعددة الاتجاهات.
أما القاعدة الثانية فإنها حافظت على المؤسسات الدستورية في المملكة التي تم بناؤها خلال أكثر من عقد بتحدياتها المختلفة. وتضمن التزام الجميع باللجوء إلى المؤسسات الدستورية لإقرار وتقنين أي تفاهمات سياسية أو تنظيمية تتعلق بقضايا المجتمع المختلفة.
هاتان القاعدتان ضمانة أساسية للحفاظ على مأسسة المملكة الدستورية، فمتى ما حدث الاختلاف السياسي يمكن التحاور خارج أو داخل المؤسسات الدستورية في ظل وجود الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير، ولكن لا يمكن تماماً تجاوز المؤسسات الدستورية عندما تتعلق المسألة بإقرار تفاهمات ومرئيات سياسية معينة، لأن ذلك يعني تجاوزاً على الدستور ومكتسباته، وتجاوزاً على الإرادة الشعبية التي أقرّت ميثاق العمل الوطني ودفعت نحو التعديلات الدستورية الأولى في 2002.
التجربة أثبتت حرص جلالة الملك على تعزيز مأسسة المملكة الدستورية، وهو ما وجه له جلالته في 2011 إلى إحالة مرئيات حوار التوافق الوطني إلى السلطة التشريعية لتنظر فيه وتدرسه وتنفذه، وهو ما تم بمسؤولية كبيرة لاحقاً وأدى إلى إقرار التعديلات الدستورية الثانية التي لم نجرّب جانباً مهماً منها حتى الآن، وسيتم تجربتها خلال الشهور الثلاثة المتبقية من العام الجاري.
استكمال حوار التوافق الوطني انتهى، وبدأت الآن مرحلة جديدة من العمل الوطني، ومن يريد البقاء خارج العملية السياسية فهو خياره الحر في النهاية، والآخرون ليسوا معنيين به، لأنهم معنيون بوطنهم وليس غيره.