فور خروجه من التوقيف قبل أيام؛ قال نبيل رجب من بين ما قال «سأواصل نضالي السلمي مع كافة أبناء شعبي»، وهو قول فيه شيئان؛ شيء من حقه وشيء ليس من حقه.
أما الذي هو من حقه فهو قوله إنه سيواصــل «نضالــه السلمـــي»، وســـواء اتفقنا مع هذا التعبير أم لم نتفق فإن هذا الأمر من حقه وهو سيد قراره، وأما الذي ليس من حقه فهو استخدام عبارة «أبناء شعبي»، ذلك أن شعب البحرين هو شعب البحرين وليس شعب نبيل رجب ولا غير نبيل رجب ولا يحق لأحد أن ينسب إليه الشعب سوى قادة البلاد.
أيام الدوار خاطب الداعي إلى التحول إلى جمهورية، حسن مشيمع، الحاضرين بقوله «شعبي العزيز»، وقرأ الناس هذه العبارة في الإعلانات الورقية التي كانت تلصق في كل مكان للترويج له فور عودته من لندن، وبعده قال جلال فيروز في مشاركة له بفضائيـة «العالم» الإيرانية «إنني أوجه هذا النداء إلى شعبي»، واليوم يخاطب نبيل رجب شعب البحرين بقوله «أبناء شعبي».
ما القصة؟ شعب من نحن؟ حسن مشيمع أم جلال فيروز أم نبيل رجب؟ أم غيرهم ممن صاروا يستسهلون استخدام هذه المفردة في كل حين وفي كل مناسبة؟
شعب البحرين ليس شعب هذا ولا ذاك، شعب البحرين هو شعب البحرين، ولا يقبل من أحد سوى جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد استعمال هذه العبارة؛ فهم الوحيدون في البحرين الذين يحق لهم أن ينادوا شعب البحرين بكلمة «شعبي»، لأنه شعبهم وليس شعب فلان أو علان.
مهــم وضــع حــد لهــذا التدخـــل فــي الاختصاصات وإن بدا أنه غير مقصود، لأنه مقصود، حيث الواضح أن هناك اتجاهاً لتأسيس ثقافة تعتمد تكسير الثوابت والتي منها هذه العبارة كي تقل قيمتها ويتم إفراغها من كل معنى، وهو ما يبدو واضحــاً أيضاً في أسماء الشوارع التــي حرفوها حتى نسوا أسماءها الحقيقية بعدما اعتمدوها في الأخبار وأجبروا المتلقين على التفاعل معها، فتحول الشارع الفلاني إلى الشارع العلاني وتغير اسم الدوار العلاني إلى دوار فلان ودوار فلانة وميدان فلان وميدان فلتانة.
هذا أسلوب خطير، تبدو في ظاهره البــراءة وغياب القصد لكنه مخطط له ومقصود ويقف وراءه متخصصون في علم النفس وخبراء يعرفون جيداً ما يفعلون، فالسعي إلى تغيير أسماء الشوارع واعتمادها في التغريدات والتصريحات والأخبار من قبل «المعارضــة» ومن قبل الفضائيات التابعــة لهـــا، وخصوصاً السوسة الإيرانية، التـــي لم تعد تذكر أسماء الشوارع في البحرين بأسمائهــــا الحقيقيـــة وتتعمـــد إطـــلاق التسميات «الجديدة» عليها، هذا السعي ليس اعتباطاً ولا يخلو من قصد (في البحرين مثلاً لا نستخدم كلمة «بلدات» وإنما قرى، بينما تعتمد أخبار «المعارضة» وفضائياتها مفردة بلدات الشائعة في الريف اللبناني).
في السياق نفسه يأتي استخدام تعبيرات مثل «شعبي العزيز» و«أبناء شعبي» من قبل أفراد لا يحق لهم استخدام هذه المفردات، لأن شعب البحرين ليس شعبهم وليست لهم صفة تؤهلهم لمخاطبة شعب البحرين بهذه الطريقة.
هذا الإحساس بالتعالي إلى حد اعتبار هؤلاء أنفسهم قادة وليسوا قياديين فقط في حزب أو تنظيم يكشف مقدار الغرور الذي يسيطر عليهم، فلولا هذا الغرور لما تمكن أولئك من وضع خططهم موضع التنفيذ، ذلك أنهم يمتلكون قدرات عالية في دراسة نفسيات «المعارضة» وليس صعباً عليهم اكتشاف مثل هذه الصفة وتوظيفها.
ليس واضحاً ما إذا كان تعبير «شعبي العزيز» الذي يخاطب به نبيل رجب و«القياديون» الآخرون شعب البحرين يشمل جميع المواطنين أم أنه يقتصر فقط على المجموعة التي يعبرون عنها بـ «المواطنين الأصليين»؟