استفادت إيران كثيراً من طيبة وتدين شيعة الخليج، وفرضت وصايتها على شريحة كبيرة اتخذت من قيادات في الدولة الإيرانية مرجعيات دينية، فمنحتها الولاية الكاملة عليها، لكن المصيبة تكمن في قيادات شيعية سياسية طرحت نفسها كممثلة للطائفة ومتحدثة باسمها وتموضعت في مفاصل السلطات وعلى رأسها السلطة التشريعية فكشفت عن انتمائها وولائها حتى قدم أحد النواب البحرينيين نفسه لرئيس الجمهورية الإيرانية بقوله «خادمكم المطيع» فلان الفلاني!!! فجر بهذه السقطة تهمة التبعية الإيرانية على من يمثلهم ومن يدعي التحدث باسمهم.
أمس كتب فؤاد الهاشم مقالاً لواقعة جرت في الكويت قبل سنوات لها مؤشرات عديدة أولها أنها تفضح بشكل كبير تبعية بعض النواب الشيعة الكويتيين لإيران وتفضح من جهة أخرى نظرة المسؤولين الإيرانيين للشيعة العرب على أنهم مجرد توابع مهمتهم تقديم خدمات تصب في صالح الجمهورية الإسلامية، ينظرون لهم بتعال وكأنهم بقايا عبيد أو جوار، المؤشر الثاني للواقعة تبين حجم الثقة بهذه التبعية وفعاليتها أنها مبنية على حقائق دامغة وليست وهماً إيرانياً، فحديث الملحق الإعلامي الإيراني يدل على طبيعة التعاون بينه وبين نواب أمة كويتيين!!
سأنقل لكم مقتطفات من الحوار الذي دار بين الكاتب الكويتي المعروف والملحق الإعلامي الإيراني في الكويت كما جاء في مقال أمس .. يقول الهاشم:
«وفي مساء «أغبر» جاءني اتصال من شخص يتكلم العربية «بلكنة فارسية قائلاً إنه... «الملحق الإعلامي الجديد» في سفارة الجمهورية الإسلامية ويطلب موعداً عاجلاً للقاء في مكتبي... بالجريدة!! تم تحديد الموعد في الثامنة من مساء اليوم التالي، فجاء الرجل، في أواسط الثلاثينيات من عمره، الذقن الإيراني «المعروف»، مع بنطال رمادي وقميص أبيض وشعر منكوش، حاملاً حقيبة صغيرة أخرج منها أوراقاً وقلماً، ثم وضع ساقاً على ساق وابتدأ حديثه معي قائلاً بلغة عربية تكسرت أضلعها واحداً تلو الآخر «أنت ليش يسوي علاقات مو زينة بين شعب كويت وشعب إيران في كتابات مال.. إنت»؟! ضحك كثيراً عندما طلبت منه أن نتحدث باللغة الإنجليزية حتى يفهمني وأفهمه وفوجئت حين أبلغني بأن «إنجليزيته» مثل... «ألمانيتي» التي لا أعرف منها حرفاً... فقررنا الاستمرار والتواصل بلغة... «خادمات البيوت مع المعزبات»! رددت على سؤاله بسؤال قائلاً له: «معلوماتي أن وزير الإعلام المسؤول عما يكتب في جرائد الكويت هو الشيخ سعود الناصر، فهل أصبحت وزيراً للإعلام عندنا... واحنا ما ندري»؟!
تجاهل سخريتي، وقفز إلى سؤال آخر عن الانتخابات البرلمانية التي كانت قد تمت قبل حوالي شهور، واستغربت من وقاحته - أولاً- ثم من غبائه ثانياً ليحكي أمراً كهذا أمام كاتب صحافي داخل مكتبه قائلاً «نحن نقول دائماً لنوابنا في مجلس الأمة...»! لم أدعه يكمل، فاستوضحته «نوابكم؟ من نوابكم؟ هل لديكم نواب في مجلس الأمة الكويتي؟ فأجاب بـ«نعم... النواب الشيعة» وكانوا وقتها ثلاثة! عرفت - وقتها - أنني في حوار «طرشان» مع هذا الدبلوماسي الإيراني «الدفش» فأنهيت الاجتماع بحجة موعد كتابة المقال اليومي، وأوصلته إلى باب المصعد ليكمل غباءه غير المعقول بهذا الطلب «إستاز فؤاد، هذا كلام كله في اجتماع إنت مو لازم يقوله لأي مسؤول كويتي»! فقلت له «يصير خير» وهي جملة كويتية تستطيع أن تمطها من باب جريدة «البلاد» بوسط العاصمة البحرينية حتى أول مدخل مدينة عمان الأردنية!» انتهى الاقتباس.
لقد دفعت الجماعات التي لم يكن لها قرار ولم يكن لها رأي سوى التبعية، تبعية المرجعيات من باب التدين وتبعية القيادات الشيعية من باب وحدة الصف، دفعت ثمناً غالياً حين سلمت أمرها تماماً لتلك القيادات الحزبية وتركتها تتخذ القرارات المصيرية فاتخذت قيادات تلك الجماعات قرار الانفصال عن شركاء الوطن فسكتت الجماعة، اتخذت تلك القيادات قرار الاتصال بالحكومات الأجنبية والاتفاق معها بما يشكل خيانة عظمى وسكتت الجماعة، اتخذت تلك القيادة قرار الانسحاب من المجلس ثم اتخذت قرار المقاطعة حتى إنها اتخذت قرار معارضة الاتحاد الخليجي، فعزلت الجماعة نفسها لا عن البحرينيين بل عن شعوب دول الخليج بأسرها، وأصبح عليها الآن بذل الجهد الكثير لعودتها لهم.
من كسر قيد مقاطعة الانتخابات اليوم فإنه وضع حجراً لجسر يعيد هذه الجماعات لشركائها من جديد، من مترشحين ومن فرق عمل تساعدهم إنما يحتاجون لمساعدة من الجماعات تعي أنه آن الآوان أن تستلم هي زمام المبادرة... ألم تكف تلك الخسائر؟!!