مازال الأمل يحدو الولايات المتحدة الأمريكية بتحقيق مشروعها في منطقة الجزيرة العربية، مازال حلمها بمشروع الشرق الأوسط الجديد قائماً، ومشروع إعادة رسم هذا الشرق وتفتيت المفتت أو إعادة رسم خطوط سايكس بيكو من جديد حسب ما ذكره كيسنجر في كتابه الأخير واقع نلمسه الآن، لذلك فإن حاجتها لأداة «كجمعية الوفاق» الحزب الشيعي الأكثر تنظيماً في دول مجلس التعاون وما يملك من شبكة علاقات شيعية كبيرة في المنطقة الأفضل كي يكون «الأداة المثالية» لتنفيذ هذا المشروع الحيوي، وإن كانت مصر قد قلعت مسمارها في الشمال الأفريقي فإن الأمل معقود على مسمارها في شرق المنطقة وهو جماعــة «الولي الفقيـه».وهذه العبارة التي تصدرت مقال سايمون هندرسون تعبر وبشكل كبير عن أهمية هذه الجمعية لهذا المشروع، فقد ذكر سايمون أن «الحظر الذي فرضته البحرين على المعارضة الرئيسة يشكل معضلة للسياسة الأمريكية». بهذا العنوان عبـــر سايمـــون هاندرسون مدير برنامج الخليج والطاقة في «معهد واشنطن» عن قلق الولايات المتحدة الأمريكية على «مصالحها» في البحرين.وبغض النظر عن تفسير هاندرسون للحكم القضائي إن كان «حظراً» أو هو لإمهالها فرصة لتصحيح أوضاعها القانونية، إلا أًنه وضح بهذا العنوان أن تقييد جمعية سياسية في دولة تبعد مئات الأميال عن أمريكا «كجمعية الوفاق» يشكل معضلة لا للجمعية، بل يشكل معضلة للسياسة الأمريكية ويشكل تهديداً لسلامة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة!!ليس هذا فحسب بل إن هاندرسون ساوى بين مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية مع «النظام البحريني» كحليف استراتيجي في الحرب على الإرهاب وبين مصلحته مع «جمعية الوفاق» حيث ذكر في مقاله «وعلى الرغم من أن واشنطن تولي حالياً أولوية قصوى للحملة ضد «داعش»، إلا أنه يتوجب أن يسعفها الوقت أيضاً لكي تذكّر الحكومة البحرينية بأن استبعاد «الوفاق» من العملية السياسية يواجه مخاطر دعم الجماعات الشيعية الأخرى الأكثر تشدداً. وقد خلصت هذه الجماعات بالفعل إلى نتيجة مفادها أن التقدم السياسي داخل النظام الحالي أمر مستحيل، وأخذت تدعم الاحتجاجات العنيفة داخل الجزيرة منذ بعض الوقت. إن جارة البحرين وحليفتها، المملكة العربية السعودية، تحتاجان إلى فهم الرسالة نفسها المتعلقة بالطائفة الشيعية الخاصة بكل منهما. وأخيراً، قد يحتاج المسؤولون الأمريكيون أن يشرحوا بأن أي محاولة من جانب البحرين لسحب التزامها العام للتحالف المضاد لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» سينعكس سلباً على مكانتها الدبلوماسية» هاندرسون يقول باختصار على الولايات المتحدة الأمريكية ألا تكتف بتهديد البحرين ومنعها من الانسحاب من التحالف بل عليها تهديد المملكة العربية السعودية بخصوص الشيعة في بلديهما.فإن كنا نعلم طبيعة المصلحة الأمريكية مع النظام البحريني أو السعودي, فيحق لنا أن نتساءل ما هي المصلحة الأمريكية مع جمعية كجمعية الوفاق ومع شيعة المنطقة بشكل عام؟ (لا أستبعد يد الاستخبارات الأمريكية في أحداث الأحساء).ما هي أهداف «الحلف» القائم بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمعية كجمعية الوفاق البحرينية بحيث تتساوى أهميتها مع أهمية تحالف مضى عليه قرابة القرن ويمتد إلى سنوات مستقبلية وفقاً للعقد المبرم بين الدولتين (أمريكا والبحرين) والذي ينظم وجود القاعدة الأمريكية البحرية وأسطولها الخامس في البحرين؟فحين يرى معهد واشنطن وهو أحد المصادر التي ترفد صانع القرار في الإدارات الأمريكية بدراساتها وآرائها التحليلية أن «الحظر» على جماعــــة الولــــي الفقيــــه الشيعيـــة فــي البحريــــــن يشكــــــــل تهديـــــــداً «للمصلحــــة الأمريكيـــة» وهــو المعهــد الذي يعمل على حفظ المصالح الأمريكية وسلامتها كما عرف عن نفسه على موقعه الرسمي بأنه «معهد يسعى لتعزيز فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ودعم السياسات التي تضمن سلامتها»، فإن العلاقة التي تجمع بين الاثنين «الولايات المتحدة الأمريكية» و«جمعيـــة الوفاق» لابد أن تكون علاقــة «استثنائية» ولابد أن تتجاوز في طبيعتها مظلة المسؤولية الأخلاقية والحقوقية التي تفتحها أمريكا متى ما شاءت لمن تنتقيه من الجماعات والأقليات، بل هي مصلحة تتساوى في الأهمية مع المصالح الأمريكية التي استدعت الحرب على الإرهاب.لهذه الأسباب ولتلك المؤشرات الواضحة علينا كشعب وكقيادة وكنظام أن نحدد موقفنا من صناديق الاقتراع ومن عوامل تهديد أمن وسيادة البحرين بكل حزم وبتكاتف وطني يقف أمام مشروع كسينجر ومشروع «عرقنة» البحرين الذي مازال قائماً.حمى الله مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية من كل سوء.
{{ article.visit_count }}
«عرقنة» البحرين
كلمة أخيرة
«عرقنة» البحرين