بدأت المنافسة تشتد بين المترشحين، حيث وصلت هذه المنافسة إلى أبناء المنطقة الواحدة، وبدأت الانقسامات وتعصب كل ناخب لمترشحه، وما زالت تتكرر سيناريوهات تخريب وحرق مقار المترشحين وتشويه وتكسير صورهم الإعلانية، وهذا بالتأكيد سلوك مرفوض لا يتسم بالرقي أو التمدن، وهو أيضاً أسلوب مستهلك أياً كانت دوافعه، هذه الأفعال التخريبية قد تصدر من جماعات عديدة؛ قد يكون التخريب صادراً من خصوم المترشحين ونابعاً من المنافسة غير الشريفة فيما بينهم، وقد تكون تلك التصرفات الهمجية صادرة من المترشح نفسه، وهو من يقوم بعملية التخريب ويتعمد أن يحرق مقره أو تشويه صوره، نوعاً من الاستمالة العاطفية للناخبين، ويبين لهم بأنه فريسة لخصومة من المترشحين في نفس دائرته، وقد يكون التخريب من قبل جماعة الإرهاب الذين يريدون تصفير الصناديق، ويفعلون المستحيل حتى تفشل العملية الانتخابية بالمقاطعة الجماعية.
النار لا ترحم “تأكل الخضر واليابس”؛ حيث شاهدنا مبنى بلدية جد حفص الذي احترق فيه كل شي في غمضة عين، بمعنى آخر احترقت الدنانير والعقل مغيب عن حقيقة أنهم مستغلون من أطراف تريد أن تعود البحرين إلى الوراء، وأن تلك الأفعال هي فساد ولا يمكن لأي عقل أن يبرر لمن يحرق أو يدمر مكتسبات الوطن من ممتلكات عامة أو خاصة بأنه فعل يستحق التصفيق، فمن يريد إنقاذ الوطن من الفساد لا يمكن أن يفسد في الأرض حتى وإن كان حرق خيام أو بضع إعلانات في الشوارع.
“نيرون”؛ الإمبراطور الروماني حرق روما، كما سطر التاريخ، حتى يعمرها مرة ثانية، فروما كانت تحترق لمدة سبعة أيام، ونيرون يشاهد التخريب الذي عم في البلاد بلا أسف أو حسرة؛ أليس هذا جنوناً؟ لا يمكن للعاقل أن يستخدم الشر لفعل الخير، أو التخريب من أجل البناء، ولا يصنف من يسيرون على نهج نيرون هم جماعة الإصلاح، فمن يقول “اسحقوهم أو احرقوهم” لا يمكن أن يكون زعيماً للخير وذا نوايا حسنة للبلاد، ومن يحرض على الإرهاب ويحرق ممتلكات المترشحين لا نرضى أن يجلس معه الشرفاء على طاولة الحوار، ومن يتعمد أن يحرق مقره وإعلاناته عمداً لا يصلح أبداً أن يكون نائباً في المجلس القادم.
التخريب الذي يمارسه البعض يعتبر سلوكاً وليس انفعالاً لموقف ما، وما نشاهده اليوم أيام العرس الديمقراطي هو تخريب متعمد، وظاهرة خطيرة وأسلوب متدن للوصول إلى أهداف معينة، فالبيئة السياسية التي تتمتع بها مملكة البحرين أعطت للجميع حريات كثيرة؛ منها حرص الدولة على أن يتمتع المواطنون بوعي وثقافة سياسية والخوض في الانتخابات البرلمانية كحق مكتسب، والمشاركة في حوار متمدن من أجل التوافق الوطني بين جميع الأطياف، فأياً كانت دوافع الإرهاب والتخريب ومبرراته يبقى ما يمارسه البعض أيام الانتخابات من حرق وتكسير وتمزيق هو الفساد بعينة.
حرب التخريب والترهيب الذي تمارسه بعض الجماعات، حـرب تستنزف فيها اقتصاد البلد، وحرب مقصدها الفتنة، وحــرب تولــد الانقسامــــات الطائفيــة، وتصنع التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وهم كما وصفهم الله في كتابه العزيز يدعون الإصلاح والمصلحة العامة ولكنهم في الحقيقة ساعون إلى الفساد والإفساد بين الناس.