تضع وزارة العمل بعض الشروط المهمة التي من خلالها يستطيع الباحث عن العمل الاستفادة من قانون التأمين ضد التعطل أو إعانة التعطل، وللوزارة كامل الحق في أن ترسم آلية واضحة وصارمة في سبيل ضبط عملية الإعانة من أجل ألا تتكدس أعداد العاطلين عن العمل، وحتى لا تحدث ثغرات قانونية يمكن أن يتلاعب أو يستفيد منها الباحثون عن العمل من النوع «الكسول».
نحن نقدر لوزارة العمل سعيها تخفيض منسوب الباحثين عن العمل في البحرين، وذلك من خلال رسمها استراتيجية واضحة مع الشركات والمؤسسات الخاصة لتوظيف الباحثين عن العمل، وإيجاد أفضل السبل الممكنة بوضعهم على خارطة العمل في البلاد، مع إمكانية مساعدتهم على تخطي ظروف الحياة القاسية عبر برنامج التأمين ضد التعطل.
لكن في المقابل، لا يعني هذا الأمر أن يصل التشدد في هذا البرنامج لمستوى إهانة الباحثين عن العمل، وجرجرتهم بشكل أسبوعي للوزارة من أجل المراجعة، أو في حال رفضهم بعض الأعمال التي لا تتناسب ومخرجاتهم التعليمية أو قدراتهم العملية، فإن الإعانة تقطع ولا تصلهم.
إن الباحث عن العمل هو إنسان كغيره من البشر، إضافة لامتلاكه شهادات جامعية وغيرها، فإنه يملك أحاسيس إنسانية غزيرة، ولديه من الكرامة الإنسانية التي لا يقبل لأحد أن يستبيحها، وذلك من خلال مراجعة الوزارة بشكل يفوق المعقول، أو إعطائه وظائف لا ترقى لمخرجاته العلمية.
ضعوا ما تشاؤون من الآليات العملية التي من خلالها يتحصل الباحث عن العمل على مبلغ الإعانة، لكن يجب أن تكون آليات إنسانية تحترم مشاعر العاطلين عن العمل، لا أن تهينهم أو تذلهم على مبلغ لا يستحق أصلاً، خصوصاً في ظل المستوى المرتفع للمعيشة في البحرين.
تجبر الباحثة عن العمل مراجعة الوزارة كل أسبوع، وفي حال لم تستطع مراجعة الوزارة في أحد تلك الأسابيع لظرف قاهر فإنها تحرم من الإعانة، وفي حال رفضت عملاً تعرضه عليها وزارة العمل لأسباب مقنعة، فإنها لا تستحق الحصول على مبلغ الإعانة كذلك.
يا أخي إذا كانت البنت جامعية ومتفوقة دراسياً وعندها من الشهادات ما لم يملكه بعض كبار المسؤولين في الدولة، ورفضت العمل «كيشر في سوبر ماركت» من حقها، (مع أن الكثير لا يرفضون فكرة العمل حتى ولو لم تتناسب ومخرجاتهم الجامعية، إلا لظروف مذلة)، و«إذا صادف أن مرضت هذه البنت وما قدرت تراجعكم، شوفوا شنو ظروفها قبل سحب الإعانة عنها».
ليس هذا وحسب؛ بل هناك من الباحثين عن العمل تعرضوا لمثل هذه الأمثلة من طرف وزارة العمل، فماذا حدث؟ قام بعض الموظفين يتقاذفونهم من مكتب إلى مكتب، ومن موظف إلى موظف، حتى وصل الأمر بهم أن طلبوا منهم كتابة رسالة شخصية لوزير العمل شخصياً، من أجل أن يوافق على تمرير إعانة التعطل!!
إن الباحث عن العمل ليس بالضرورة أن يكون «طراراً» في نظركم، أو أقل منا كرامة على مستوى الإنسانية حتى تقوموا بإذلاله بصورة لا تتناسب وهذا العصر، بل يجب أن تخففوا من «غلوائكم» المفرطة في اشتراطاتكم الخاصة بإعانة التعطل، ولو كانت هناك نماذج سيئة من «الجمبازية» تريد الحصول على مبلغ الإعانة من دون عمل فهذا لا ينسحب على الجميع، فالكثير من العاطلين لا ينامون الليل ولا يستقرون في النهار، فرفقاً بهم.