بعد 33 عاماً مازال مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي في حيرة من أمرهم بين ثلاثة خيارات صعبة؛ الأول الانتقال إلى مرحلة جديدة من العمل الخليجي المشترك من خلال تحالفات خارج إطار المنظومة الخليجية، وبين خيار آخر وهو تفكيك مجلس التعاون أو تهميشه، كما هو الحال بالنسبة لجامعة الدول العربية، وبين خيار ثالث يقود المنظومة الخليجية للانتقال إلى مرحلة اتحاد حقيقي مهما كان شكله.
الخيار الأول جاء بسبب تعارض الأجندات الخليجية، وعدم وجود تعريف واضح ومقر ومتفق عليه بين كافة الدول الأعضاء لمفهوم المصالح الخليجية المشتركة. وفي الوقت نفسه تزامن مع وجود أطراف خليجية لديها طموحات ذاتية على حساب مصالح دول مجلس التعاون الخليجي قادتها للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وشن حملة إعلامية طويلة المدى مستمرة منذ 18 عاماً ضد بعض دول المجلس.
فقطر التي حاولت منذ نحو عقدين تكوين شبكة نفوذ إقليمية خاصة بها، باتت اليوم أمام تحد كبير نتيجة الخلاف الذي خلقته سياستها الخارجية طوال الفترة الماضية، ولا يبدو أن هناك فرصاً للتفاؤل وإنهاء الخلاف العميق القائم مع بقية الدول الأعضاء، خاصة كل من الرياض وأبوظبي والمنامة، في ظل وجود فرص كبيرة لتطور الخلاف إلى مراحل أخرى متقدمة قد تصاحبها إجراءات غير مسبوقة.
هذا المشهد كوّن حالة من الانقسام النادر داخل المنظومة الخليجية، ودفع إلى تكوين تحالفات خارج إطار المنظومة الخليجية، كما نشاهد التحالف الثلاثي القائم بين الرياض وأبوظبي والمنامة، وهو ما يفهم منه بأنه تحالف جاء لإعادة المنظومة الخليجية إلى مسارها الصحيح، أو لحماية مكتسبات المنظومة نفسها من التحديات الداخلية والتهديدات الإقليمية والدولية. ومن الصعوبة بمكان التنبؤ بمستقبل التحالفات القائمة خارج نطاق المنظومة الخليجية، ولكنها في جميع الحالات لن تخرج عن نطاق الحفاظ على السياسة الخليجية التقليدية على الأقل.
الخيار الثاني وهو تفكيك مجلس التعاون أو تهميشه، حيث يسود اعتقاد عام لدى شريحة واسعة من الرأي العام الخليجي بأن هناك اتجاهاً لتفكيك المجلس أو تهميشه على غرار جامعة الدول العربية، التي ينظر إليها العرب بأنها غير فاعلة وفاقدة المصداقية. هذا الخيار خطير لأنه للمرة الأولى في تاريخ مجلس التعاون الخليجي منذ مطلع ثمانينات القرن العشرين يشعر فيه المواطن الخليجي بعدم قيمة المجلس الذي أسسه قادة الخليج العربي في تلك الفترة، وتفكيكه يعني المساس بهوية المواطن الخليجي الذي جاءت المنظومة الخليجية لتعبّر عن هويته وتعكسها وإن كان الإنجاز والأداء دون الطموح.
لا أعتقد أن خيار تفكيك المجلس أو تهميشه وارد حالياً رغم كل الخلافات والتباينات والتناقض في المصالح، ولكن هذا الخيار قد يكون متاحاً متى ما تفاقمت الخلافات أكثر فأكثر.
يبقى الخيار الثالث الذي طال انتظاره وطال أمده منذ دعوة خادم الحرمين الشريفين للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد. نتفهم تحفظات بعض الدول الأعضاء، وهي تحفظات يمكن معالجتها بشكل أو بآخر، ولكننا لا نتفهم التباطؤ في تنفيذ المشروع مع استمرار التهديدات والتحديات في المنطقة.
أمام هذه الخيارات الثلاثة، هناك حاجة ماسة لحسم المسارات المستقبلية لمنظومة مجلس التعاون الخليجي، وحقيقة هامة ينبغي الالتفات لها، وهي أن الرأي العام الخليجي في حالة تشتت اليوم -وهي حالة تاريخية- ولكنه قد يصل إلى مرحلة يفقد فيها قناعته وإيمانه بجدوى مجلس التعاون الخليجي.
{{ article.visit_count }}
الخيار الأول جاء بسبب تعارض الأجندات الخليجية، وعدم وجود تعريف واضح ومقر ومتفق عليه بين كافة الدول الأعضاء لمفهوم المصالح الخليجية المشتركة. وفي الوقت نفسه تزامن مع وجود أطراف خليجية لديها طموحات ذاتية على حساب مصالح دول مجلس التعاون الخليجي قادتها للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وشن حملة إعلامية طويلة المدى مستمرة منذ 18 عاماً ضد بعض دول المجلس.
فقطر التي حاولت منذ نحو عقدين تكوين شبكة نفوذ إقليمية خاصة بها، باتت اليوم أمام تحد كبير نتيجة الخلاف الذي خلقته سياستها الخارجية طوال الفترة الماضية، ولا يبدو أن هناك فرصاً للتفاؤل وإنهاء الخلاف العميق القائم مع بقية الدول الأعضاء، خاصة كل من الرياض وأبوظبي والمنامة، في ظل وجود فرص كبيرة لتطور الخلاف إلى مراحل أخرى متقدمة قد تصاحبها إجراءات غير مسبوقة.
هذا المشهد كوّن حالة من الانقسام النادر داخل المنظومة الخليجية، ودفع إلى تكوين تحالفات خارج إطار المنظومة الخليجية، كما نشاهد التحالف الثلاثي القائم بين الرياض وأبوظبي والمنامة، وهو ما يفهم منه بأنه تحالف جاء لإعادة المنظومة الخليجية إلى مسارها الصحيح، أو لحماية مكتسبات المنظومة نفسها من التحديات الداخلية والتهديدات الإقليمية والدولية. ومن الصعوبة بمكان التنبؤ بمستقبل التحالفات القائمة خارج نطاق المنظومة الخليجية، ولكنها في جميع الحالات لن تخرج عن نطاق الحفاظ على السياسة الخليجية التقليدية على الأقل.
الخيار الثاني وهو تفكيك مجلس التعاون أو تهميشه، حيث يسود اعتقاد عام لدى شريحة واسعة من الرأي العام الخليجي بأن هناك اتجاهاً لتفكيك المجلس أو تهميشه على غرار جامعة الدول العربية، التي ينظر إليها العرب بأنها غير فاعلة وفاقدة المصداقية. هذا الخيار خطير لأنه للمرة الأولى في تاريخ مجلس التعاون الخليجي منذ مطلع ثمانينات القرن العشرين يشعر فيه المواطن الخليجي بعدم قيمة المجلس الذي أسسه قادة الخليج العربي في تلك الفترة، وتفكيكه يعني المساس بهوية المواطن الخليجي الذي جاءت المنظومة الخليجية لتعبّر عن هويته وتعكسها وإن كان الإنجاز والأداء دون الطموح.
لا أعتقد أن خيار تفكيك المجلس أو تهميشه وارد حالياً رغم كل الخلافات والتباينات والتناقض في المصالح، ولكن هذا الخيار قد يكون متاحاً متى ما تفاقمت الخلافات أكثر فأكثر.
يبقى الخيار الثالث الذي طال انتظاره وطال أمده منذ دعوة خادم الحرمين الشريفين للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد. نتفهم تحفظات بعض الدول الأعضاء، وهي تحفظات يمكن معالجتها بشكل أو بآخر، ولكننا لا نتفهم التباطؤ في تنفيذ المشروع مع استمرار التهديدات والتحديات في المنطقة.
أمام هذه الخيارات الثلاثة، هناك حاجة ماسة لحسم المسارات المستقبلية لمنظومة مجلس التعاون الخليجي، وحقيقة هامة ينبغي الالتفات لها، وهي أن الرأي العام الخليجي في حالة تشتت اليوم -وهي حالة تاريخية- ولكنه قد يصل إلى مرحلة يفقد فيها قناعته وإيمانه بجدوى مجلس التعاون الخليجي.