ينظم معهد البحرين للتنمية السياسية، اليوم، النسخة الثانية من المنتدى الخليجي للإعلام السياسي، وهو المؤتمر السنوي المتخصص الذي حرص على إقامته منذ العام الماضي ليناقش الكثير من القضايا المرتبطة بالإعلام السياسي.
هذا النوع من الإعلام بات أكثر شمولية من السابق، وباتت مصادره متنوعة وليست الحكومات كما كان الوضع في الماضي. اليوم المواطن نفسه شريك أساس وهو محور العملية الإعلامية فيما يتعلق بالإعلام السياسي.
نتذكر جيداً قبل 20 عاماً فقط من الآن كيف كان المواطن عنصراً مستقبلاً لكم هائل من المعلومات، فهو في ذلك الوقت مجرد مستقبل في العملية الاتصالية، ولكنه الآن هو المرسل وهو المستقبل والاتصال بات مزدوجاً وليس أحادياً كما اعتدنا عليه في الماضي.
الإعلام السياسي ليس مهنة وليس وظيفة وليس دور مؤسسة أو حتى حكومة، بل هو نوع من أنواع الإعلام المفتوح الذي تداخلت فيه مجموعة من العناصر تمارس أدواراً متشابهة، وتتحكم فيه المصالح والاتجاهات.
الصحافة التقليدية كان عنصراً أساسياً من عناصر تشكيل اتجاهات الرأي العام في القضايا السياسية، ولكنها اختلف اليوم وصار الجمهور الذي تستهدفه هو من يشكل اتجاهاتها ويؤثر في سياستها التحريرية بشكل غير مقصود.
ومن أمثلة ذلك أن كتاب الرأي كانوا هم الذين يحددون الأجندة والأولويات والقضايا الأهم لجمهور الصحافة التقليدية، ولكن الوضع انقلب الآن، وصار الجمهور هو الذي يحدد للكاتب ما يكتبه من أولويات وقضايا عبر ما يتم تناقله في الفضاء الإعلامي المفتوح من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.
هناك وجهتي نظر تتعلقان بتأثير شبكات التواصل الاجتماعي على الإعلام التقليدي وتحديداً الصحافة الورقية التقليدية؛ الأولى ترى أن شبكات التواصل هي التي تحدد اتجاهات الصحافة التقليدية، والثانية ترى العكس.
المعيار الفاصل بين الاثنين هو المصالح، فالمؤسسة الإعلامية أو الحكومة ستتعرض لضغوط الجماهير عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن هل تقبل بالتأثر مادامت هذه الضغوط تؤثر على مصالحها المتداخلة على مستوى المجتمع المحلي؟
ضغوط الجماهير وصوتها مهم، ولكن ينبغي ألا يكون تأثيرها مطلق وتحتل الأولوية، فدور المؤسسات الإعلامية هو تعزيز الحريات التي تتمتع بها هذه الجماهير، وطرح قضاياها ومشاكلها المختلفة والسماح بأعلى درجات التفاعل المزدوج.
التركيز والاهتمام اليوم يجب أن يكون على دور الأفراد باعتبارهم صنّاع ومنتجي محتوى في الإعلام السياسي، وليس مجرد مستقبلين لهذا النوع من أنواع الإعلام. واللافت أن هناك عدم اهتمام لظاهرة تنامي دور الأفراد العاديين في تشكيل اتجاهات الرأي العام، بمعنى أن الجمهور هو من يشكل اتجاهاته تجاه قضايا كثيرة، وهي عملية تتميز بالسرعة الفائقة، والتأثير الهائل. هي بالفعل ظاهرة خطيرة ظهرت عبر السنوات الأخيرة، ولا ينبغي النظر إليها بشكل سلبي مطلقاً، بل هي ظاهرة إيجابية يمكن الاستفادة منها في أوجه متعددة.