نسمع كما يسمع غيرنا بأن هنالك وجوهاً شابة في التشكيلة الوزارية القادمة تضم مجموعة من الدماء الجديدة. خبر ربما يهم الكثير منا؛ لأن بعض الوزراء الحاليين لا يستحقون أن يبقوا في مكاتبهم لأنهم لم يقدموا من العطاءات والاستحقاقات الوطنية ما يؤهلهم في الاستمرار في مناصبهم كوزراء.
حتى وإن كان هذا الوعي بإدخال دماء جديدة في التشكيلة الوزارية في البحرين، إلا أننا نتطلع لما هو أكبر من أن يكون دم الوزير دماً جديدا أو دماً غير جديد. نحن نطالب أن تتغير ثقافة الوزراء وطريقة تفكيرهم، وأن يتعاملوا مع المنصب بصورة ترتقي والعطاء الوطني، بعيداً عن المظاهر المجردة والأبهات الفارغة، وهذا المعيار في جودة الوزراء، لا علاقة له بسن الوزير ودمه الجديد، بقدر ما له علاقة بطبيعة تفكيره ومستوى ثقافته ونظرته للحياة، فحين يكون أكبر هم عند الوزير هو امتلاك مكتب فخم وسيارة فارهة فقط، فهذا يعني أنه لا يمكن أن يفكر بطريقة سوية، إذ من الضروري بداية أن يتحرر كل وزير من عقدة النقص التي تسكنه من خلال التحرر من كافة أشكال المظاهر التي لا يمكن أن تصنع وطناً.
اليوم ربما تستطيع الوصول بكل سهولة إلى مكتب وزير أمني يحمل على عاتقه مسؤولية أكبر وزارة سيادية بكل سهولة، وربما تستطيع مقابلته، لكنك لن تستطيع الوصول إلى بوابة وزارة من الوزارات الأخرى التي تحولت إلى قلاع وحصون في وجه المواطنين والمراجعين.
هنالك من الوزراء اليوم من يملك أكثر من مدير وسكرتيرة حسناء في مكتبه الأسطوري، ويملك من الحجاب والشرطة ما يمنع حتى ملك الموت من الدخول إلى باب مكتبه، فهل بربكم يستطيع المواطن العادي من أن «يوطوط» جهة مكتبه كي يلتقيه لحل قضاياه ومشاكله؟ هل هذا وزير لخدمة المجتمع والوطن أم أنه قائد لواء عسكري؟
هذا النوع من الوزراء ولى زمانهم، وفي الدول الحديثة انقرضوا، ولهذا نحن نطالب أن تتشكل جهات رقابية صارمة من اليوم وصاعداً على أداء الوزراء، وألا تكون مكاتبهم كمكاتب رؤساء دول العالم إن لم تكن أفخم منها بكثير، بل يجب أن تكون مكاتبهم في المستوى الطبيعي. كذلك من المهم جداً وأن تزال كل المتاريس والحراس «والسكيورتية» وعشرات الموظفين الذين من أهم وظائفهم منع الجمهور من الاتصال أو الوصول إلى باب الوزير!
في الختام؛ نقترح على رئاسة الوزراء الموقرة، أن تلزم كل الوزارات بأن تكون أبواب الوزراء مفتوحة طيلة وقت دوامهم كموظفين كبار في الدولة، لأن الأبواب الموصدة تعني أن خلفها مجموعة من العقول المغلقة في وجه الوطن، تعيش في مكاتب أشبه بأبراج عاجية.
حين لا يتمكن الموظف من مقابلة وزيره طيلة فترات خدماته المحترمة في وزارت مشحونة بالحراس؛ هل سيكون بإمكان المواطن العادي من الاقتراب لمبنى الوزارة وليس إلى مكتب الوزير؟ في اعتقادنا أن هذا الأمر، هو أهم بكثير من أن يكون الوزير عندنا شاباً أو كهلاً، فالقضية تتمحور في طبيعة ما تحتويه تلك «الجمجمة» من عقلية حضارية متطورة، وليس فيما وصل إليه عمر الإنسان الوزير.