لم تترك «المعارضة» على اختلاف تلاوينها وصفا من الأوصاف السيئة إلا واستخدمته في التعبير عن رأيها في المجلس النيابي الجديد وبيان موقفها منه، والسبب معروف؛ فالمجلس الذي لا يضم أحداً من عناصر «المعارضة»، خصوصاً جمعية الوفاق، لا يعبر عن الشعب ولا يمثله وهو ضعيف وأعضاؤه دون المستوى ووجوده كعدمه. فطالما أن الوفاق ومن صار في جيبها دعت إلى مقاطعة الانتخابات فإن أي مجلس ينتج عن تلك الانتخابات لا «يترس عينهم» حتى لو كان كل أعضائه الأربعين من حملة الدكتوراه ومن ذوي الخبرة والدراية وذوي التخصصات النادرة والعباقرة.
كل مجلس لا تكون الوفاق ومن معها أعضاؤه هو في نظرها دون المستوى ولا يرتجى منه خير، وكل قرار لا يحمل ختم الوفاق ويحصل على بركة من يقف وراءها لا قيمة له ولا ينتج مفيداً، وكل قول يصدر عن غير المنتمين إلى هذه الجمعية أو المحسوبين عليها أو من الذين لم يحصلوا على رضاها يدخل في باب «الهرار».
للأسف هذا هو مستوى هذه «المعارضة» التي تعتبر الوفاق نفسها أساسها والمعبر الأول والأخير عنها، وللأسف أيضاً فإن سكوت الجمعيات السياسية التي تمتلك الخبرة والتجربة يجعل الناس ينظرون إليها على أنها شريكة في ما تفعله الوفاق فيضعونها معها في نفس هذا المستوى.
من قال من الجمعيات السياسية بما تقوله الوفاق عن المجلس النيابي الجديد يشاركها في الإساءة إلى أعضائه الذين لو لم يجد ناخبوهم فيهم الخير والأمل لما أعانوهم على الوصول إلى البرلمان، ولو لم يجدوا فيهم الكفاءة لما انتخبوهم.
بالتأكيد فإن خبرات أعضاء المجلس النيابي الجدد تتفاوت، وبالتأكيد سيحتاجون إلى بعض الوقت لاستيعاب قوانين وأنظمة المجلس ولائحته الداخلية، وبالتأكيد سيقعون في بعض الأخطاء، تماماً مثلما حدث مع الذين من قبلهم، فهم كما النواب الوفاقيين السابقين لم يولدوا في المجلس، ومن الطبيعي أنهم يحتاجون إلى بعض الوقت كي يتمكنوا من أدواتهم وتكون لهم صولاتهم وجولاتهم.
التقليل من شأن المجلس النيابي الجديد ومن شأن أعضائه يؤكد أن «المعارضة»، وخصوصاً الوفاق، لا تعرف كيف تشتغل سياسة، ومهاجمة المجلس وأعضائه ووصفه بما لا يليق من أوصاف يؤكد أنها تعتقد أنها هي فقط الصح وكل ما عداها هو الخطأ.
في كل الأحوال لا مفر لـ «المعارضة» بكل تلاوينها من التعامل مع المجلس النيابي الجديد ومخاطبة أعضائه بصفة «أصحاب السعادة»، ولا مفر من الحذر في التواصل معهم باعتبار أنهم صارت لديهم حصانة بحكم مناصبهم.
القصد من الجملة الأخيرة هو أن مجلس النواب الجديد صار واقعاً وليس عالماً افتراضياً كما هو الحال مع كثير من مجالس «المعارضة» في التويتر والفيسبوك، وبالتالي لا مفر من التعامل معه ومع أعضائه بما يليق وبما يحدده القانون. أما الأفضل فهو التعاون مع المجلس والسعي لكسب أعضائه والاستفادة منهم في توصيل الآراء والقناعات وحتى المشاريع، وهذا هو فعل «المعارضة» العاقلة والقادرة على تحويل ما تراه سالباً إلى موجب.
ما يراه كثير من المواطنين هو أن المجلس النيابي الجديد سيتمكن من تحقيق ما لم تتمكن المجالس التي سبقته، وأن أعضاءه سيبذلون قصارى جهدهم لتحقيق النجاحات التي تعزز من مكانتهم وتربطهم بناخبيهم وبشعب البحرين، فلكي ينجح النائب لا يحتاج إلى أن يكون عضواً في جمعية الوفاق أو محسوباً على «المعارضة»، وهو لا يحتاج للتعبير عن آرائه بالطريقة ذاتها التي كان يعبر بها نواب الوفاق عن آرائهم ومواقفهم في المجلس.
المجلس النيابي الجديد سيحقق بتعاونه مع السلطة التنفيذية وبتواصله مع المواطنين ما لم يتمكن نواب الوفاق من تحقيقه.. وهو بشارة خير.