نتذكر هذه الأيام من العام الماضي عندما اجتمع المجلس الوطني بغرفتيه معاً في اجتماع تاريخي من أجل اجتثاث الإرهاب الذي عصف بالبلاد بسبب أنشطة الجماعات الراديكالية وقوى التحريض السياسي في الداخل والخارج.
عام كامل مضى، ونحن مازالنا لا نعرف عدد التوصيات التي قامت الأجهزة الحكومية بتنفيذها من تلك التوصيات التي بلغ مجموعها 22 توصية. منذ ذلك الوقت أصدرت الحكومة عدة تقارير وأكدت قيامها بتنفيذ مجموعة من التوصيات، ولكن البقية منها مازال مصيرها غير معلوم، ومن الأهمية بمكان أن يصدر عن الحكومة الآن، وليس لاحقاً، تقرير مفصل يبين إلى أين انتهت تلك التوصيات، وهي الأوضاع تتطلب مزيداً من الإجراءات والأنظمة والتشريعات لاجتثاث الإرهاب عن بكرة أبيه.
عندما انعقد المجلس الوطني العام الماضي بعد أن طال المسجد الكبير في الرفاع كانت الأجواء غاضبة، وكانت الآمال معلقة على تلك التوصيات المهمة، والحكومة أكدت التزامها بالتنفيذ.
اليوم تتكرر الأحداث، ويتكرر الإرهاب بنفس الجماعات وبنفس مصدر التحريض، ويسقط شهيد آخر، فهل نحتاج لسقوط شهداء آخرين حتى تنتهي حالة اللاحسم؟
اللاحسم كانت سبباً أساسياً في سقوط دول وأمم ومجتمعات وحتى حضارات، ولكن اللاحسم بسبب اعتبارات قد تكون غير واقعية لا معنى له، ولا قيمة له، ولا مصداقية حتى، بل هو إضعاف للدولة البحرينية، وهو إضعاف غير مقصود، ولكن نتائجه معروفة ومتوقعة وواضحة.
ثلاثة عوامل مؤثرة حالياً في هيبة الدولة البحرينية:
أولاً: حالة اللاحسم التي تعاني منها الدولة تجاه التحديات الداخلية والتي طال أمدها كثيراً.
ثانياً: تصاعد التطرف الشيعي الذي أدى إلى انتشار الكراهية بالتحريض، وتحوّل المطالب إلى أعمال إرهابية.
ثالثاً: تصاعد التطرف السني الذي أدى إلى انتشار الإحباط والكراهية أيضاً، ولا يستبعد أن يتحول إلى إرهاب مستقبلاً.
هذه العوامل المتداخلة معاً، والمعقدة في تفاصيلها، تتداخل وتكون نتيجتها إضرار بالدولة البحرينية في مختلف قطاعاتها. والخشية اليوم أن يتكون هذا التداخل روتيناً، فيصبح التطرف أمراً عادياً، ويصبح الإرهاب سلوكاً عادياً، وبالتالي معالجاته ليست مهمة أو يمكن تأجيلها لأنها لا تعد أولوية.
لا يوجد طرف خاسر في هذه العملية الثلاثية، ليس السنة أو الشيعة أو حتى الحكومة وغيرها، بل الخاسر هي البحرين التي يتصاعد استياء المواطنين فيها لأنه ينتظر يوم تتراجع فيه الكراهية والإرهاب، ويحفظ فيه مستقبل الوطن.