«لم يعد هناك مجال للمواراة في المواقف، فاليوم إما أن تكون مع الإرهاب أو ضده، ومن يرفض الإرهاب في الظاهر يجب عليه ألا يغذيه في الباطن ولا يوفر له الغطاء». هكذا حلل رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة ظاهرة الأعمال الإرهابية في البحرين، فلا يكفي أن تدين الإرهاب لأن الإدانة مجرد قول وبإمكان كل شخص أن يقول إنه ضد العنف والإرهاب، فالقول لا يكلفه شيئا. المطلوب هو اتخاذ موقف عملي من الإرهاب بالوقوف في وجه من يمارسه وبالتحريض ضده وبالتعاون مع الجهات المعنية لمنعه وإفشاله والضرب على يد فاعله ويد من يقف وراءه. كما أنه لا يمكن أن تكون ضد الإرهاب نهاراً وتكون معه ليلاً، تدينه وتتسترعليه في آن واحد.
في موضوع الإرهاب لا يمكن أن تقف على الحياد، فأنت إما مع الإرهاب أو ضده، لا مكان لـ «بين البينين» واللون الرمادي هنا، (يا أبيض.. يا أسود)، ومن يرفض الإرهاب في الظاهر -كما يقول صاحب السمو- يجب عليه ألا يغذيه في الباطن وألا يوفر له الغطاء وأن يقف ضده عملاً لا قولاً.
لا يمكن أن تكون ضد اختطاف الشوارع وتخريبه أو تعطيل حياة الناس وتصرح بأنك ضد هذا الفعل وتدينه وتشجبه وأنت لم تحرك ساكناً لمنعه أو تحض عليه من «تحت لتحت». لا يمكن أن تكون ممن يدعو للعمل السلمي وأنت تمارس العنف أو تقبل به ولو بسكوتك عنه، ذلك أن السكوت هنا موقف؛ بل موقف ضار. لا يمكن أن تكون ضد التطاول على الدولة ورموزها وأنت ترى وتسمع من يفعل ذلك وتغض الطرف والسمع عنه أو تبرر ما يقوم به.
أحد أهم الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم هو هذه الازدواجية التي مارسها كثيرون، فهم من جانب يقولون إنهم ضد العنف والتخريب وأعمال الفوضى ولا يترددون عن إصدار البيانات التي تشجب وتستنكر وتندد، ومن جانب آخر يعينون على كل ذلك بسكوتهم أو بالتحريض عليها في الخفاء والتصفيق لفاعليها في السر.
ما تفضل صاحب السمو رئيس الوزراء بالإشارة إليه هو لب المشكلة، وهذا يعني أنه حان الوقت ليحدد كل واحد منا موقفه بوضوح؛ مع الإرهاب أو ضده، مع العنف أو ضده، مع التخريب أو ضده، وألا يكون الموقف مجرد كلام وإنما لا بد من رفده بالعمل الذي ينتج عنه محاصرة كل هذه الأفعال الشينة وخنقها.
كي تتم السيطرة على الإرهاب والعنف والفوضى لا بد من موقف واضح وحازم من الجميع، بدءاً من الدولة وانتهاء بأصغر فرد، ولا بد من العمل وإلا فإن المسألة ستطول ولن نجد أنفسنا إلا وقد صرنا جميعاً ضحايا هذه الأفعال.
هذا ما أشار إليه وأكده أيضاً سمو رئيس الوزراء خلال زياراته لمجالس رمضان، حيث أعرب عن اعتزازه بالوعي والموقف الشعبي الصلب الداعم لمصلحة الوطن والذي كان على مر الحقب التاريخية الضمانة الحقيقية لاستقرار المملكة، ولهذا دعا الجميع إلى ضرورة عدم الاكتراث بمحاولات عرقلة المسيرة الوطنية المباركة ومضاعفة الجهد لتعظيم حجم الإنجازات التنموية التي تعود بالخير على الوطن والعمل معاً على الوقوف في وجه كل من يريد بهذا الوطن سوءاً.
ما حدث في الأيام القليلة الماضية من أعمال إرهاب وتخريب وفوضى لم يراع فيها فاعلوها حتى شهر الله، يعني أن هناك من يريد السوء لهذا الوطن، والأكيد أن ردعه لا يكون بالشجب ولا بالاستنكار ولا بالتنديد، فهذه «الأسلحة» لا تفيد مع الإرهاب.