اليوم هناك دعوة للمشاركة الشعبية الفاعلة في الانتخابات، وهذه مسألة طبيعية، وتصدر سواء من قبل الدولة أو الجمعيات أو الشخصيات المؤثرة مجتمعياً، باعتبار أن المشاركة سواء بالترشح والانتخاب حق للمواطن، مهما كانت النظرة العامة لأداء البرلمان ومدى فاعليته.قد تفسر الدعوات على كثير من الأوجه؛ فهي إما تكون تذكيراً أو في إطار التحفيز أو مساعي بيان الأهمية حتى لا يتقاعس الناس. وهناك في كل جانب مبررات ومسوغات، في النهاية العملية معنية بتطوير بلد وحراك ديمقراطي يفترض بأنه يتصاعد، لا يفترض بأن يتراجع بسبب سوء أداء اشخاص انتخبوا فلم يكونوا على مستوى الترقب، ولا بأن تكون المشاركة «رهينة» بأيدي من يؤزم الشارع ويناهض الدولة، ولا أن تكون مرتبطة بالدولة بحيث تكون المشاركة مرهونة بمكافأة تقابلها.العملية برمتها مبنية على القناعة بشأن أهميتها، قناعة الشخص بأن لديه حقاً يجب أن يمارسه، وأن لديه صوتاً يجب أن يوصله، ولا يعني إيصاله بأن يكون مدلياً بصوت فقط، مشاركاً لتكثير العدد، بل على العكس يوصله بانتقاد ومناقشة من يترشحون أمامه إن كانوا غير مؤهلين، يوصله بانتقاد الأخطاء في عمل القطاعات الرسمية، ويوصله برفع مطالباته للدولة من خلال من سيمنحه الصوت.هذه نقطة رأي، وللناس مطلق الحرية في اتخاذ قراراتهم ومواقفهم، باعتبارهم يمارسون حقهم المكفول في دولة المؤسسات والقانون.بيد أن النقطة الأكثر أهمية تكمن في «استقراء» الشهور القادمة الممهدة للانتخابات النيابية القادمة، وما إذا كانت هناك نية لدخول الجمعيات المعارضة ذات الأهداف الانقلابية الدائمة وذات الخطاب التحريضي المستمر، أو استمرار مقاطعتها مثلما أعلنت على الملأ، بينما «الهمس» في الكواليس يقول ذلك.شخصياً لا يهمنا ماذا سيفعله هؤلاء، رغم أن عليهم التفكير جيداً، إذ يبدو أن البحرين باتت الدولة الوحيدة التي يكافأ فيها من ينقلب عليها بمنحه فرصاً متتالية لـ«التوبة» والعودة عن «غيه»، لكن «طولة البال» هذه مصيرها أن تنفذ. لكن ما يهمنا ما ستفعله الدولة إن استمر تعنتهم وطالت مكابرتهم بشأن كل الفرص المتاحة.نقول ذلك، لأننا نتساءل بجدية عما إذا كانت هناك أطراف بالفعل يهمها أن تشارك الوفاق أو لا؟! وإن كانت الإجابة بنعم، فسنقول بالتالي: ما فائدة مشاركتها وهي تشتم البلد كل لحظة؟! ما فائدة مشاركتها واقتراح صيغ توافقية معها في أي حوار أو تفاوض (كما تسميه هي) إن كانت مستمرة في تحريض الناس وتأليبهم على البلد ورموزها؟!هذه الضبابية يجب أن تحسم، الدولة يجب أن تمضي قدماً ولا تقف عند أحد يحاول عرقلتها ويسيء لها، بالتالي جمعيات الانقلاب شاركت أم لم تشارك، قبلت بصيغ توافقية أم لم تقبل، تابت أم زادت في العنت، لا يجب أن يكونوا الشغل الشاغل في البلد. هؤلاء عليهم طلب الصفح أولاً، وبعدها ينتظرون قبوله أم لا. هؤلاء يجب أن يحاسبوا بالقانون وأن ينفذ ما يحكم به عليهم، بعد ذلك يفكرون -مجرد يفكرون- بأن يتكلموا ويتفلسفوا على الدولة.