اتصل بي أحد المواطنين بالأمس وكله غضب، وعلى فوره سأل: هل الوفاق جمعية إيرانية، أم بحرينية؟!
أجبته بأنه بالنظر لقانون الجمعيات وما هي مسجلة عليه «على الورق» هي جمعية بحرينية، حالها حال أشخاص عدة يسجل لهم في موقع الديانة بأنهم «مسلمون» لكن أفعالهم أبعد من روح الإسلام حتى.
المهم، ما الذي تريد إيصاله أخي الكريم؟! قال: كيف بالتالي تكون لهم اتصالات واضحة مع سفارات أجنبية، وأنهم يأخذون الأمر منهم في شأن المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها؟! لماذا هذه الفوضى؟!
أجبته بأن لا تلم الوفاق فيما تفعله، فهي تطبق المثل القائل «اللي تغلب به العب به»، لكن اللوم يقع على من يجب عليه تطبيق القانون -من جهات معنية به- حينما ترى التحريض ومناهضة الدولة وتسقيط الرموز وترى الاتصالات جارية فلا تطبق القانون!! و«المهزلة» هنا بأن الوفاق نفسها تعتبر البحرين بلداً قمعياً ولا قانون فيه، في حين لو طبق القانون عليها من دون تهاون لكان حالها شيئاً آخر تماماً.
عموماً، دعكم من هذا الحديث، فبالأمس أحداث أشبه بـ«الهريسة» البحرينية بشأن الوفاق و«تمنعها» عن الانتخابات.
قبل أيام قال علي سلمان بأنه سيعلن موقف جمعيته من الانتخابات خلال عشرة أيام، وهو قول بحد ذاته يؤكد ما كنا نقوله على الدوام بأن الجمعية الانقلابية «مستميتة» على المشاركة في الانتخابات ولو أعلنت العكس. بل والرد على خادم الولي الفقيه لم يكن أصلاً من قبل غالبية الشعب التي تقف منه موقف الضد، بل من أتباعه أنفسهم الذين تم إيهامهم بأنهم يخوضون ثورة ستغير واقع البلد وستقلب النظام وستحول البحرين إلى «جنة وفاقية» وطبعاً بمباركة «إيرانية» من قبل المرشد الإيراني ووليه في البحرين الذي بات خطابه «يتأرجح» كل جمعة بين المشاركة وبين الممانعة.
أعطونا عشرة أيام، هي الجملة الأصح لعلي سلمان بدل سننتظر عشرة أيام، وهي ما أوحى بأنه ينتظر شيئاً سيحصل، أو يحاول إيهام الناس بأن هناك أمراً يتم في الخفاء، طبعاً كعادة الوفاق في مساعيها لتأليب حتى المخلصين على الدولة.
لكن كلامه بالأمس وتلويحه بالمقاطعة أيضاً لم يكن خطاباً «ثابتاً» أو كما نقول بالبحريني «مسمار في لوح»، بل قرن المشاركة بإحراز خطوات في سبيل «حل الأمور» على حد وصفه، وهو طبعاً يقصد تحقيق أمور تراها الوفاق مكاسب لها، وهي مسألة لن تحصل، وإن كانت الوفاق ثابتة على موقفها وصادقة مع شارعها فلتعلن بصراحة «المقاطعة» بلا انتظار عشرة أيام وبلا التوعد بحالة سببية، فالقناعة موجودة بأنهم حتى لو قاطعوا في 2002 نيابياً (شاركوا بلدياً) سيعودون بعد أربعة أعوام للمشاركة.
بيد أن المفارقة كانت في حديث الولي الفقيه، حينما حاول إنكار ما نشرته صحيفة الوطن بشأن لقاءات مع جهات إيرانية، وهي أصلاً عادة وفاقية لا تعلن على عكس اللقاءات مع الأمريكان، والغريب أنه كيف يكون النفي مع تأكيد عدم العلم بما آلت له نتيجة هذه اللقاءات؟!
الإجابة لا نريدها من قبل المخلصين للبلد، فكل شيء لديهم واضح ومكشوف، بل الإجابة نريدها ممن عليه تطبيق القانون بالأخص ما يعني بالتخابر وإقحام أطراف أجنبية في شؤون داخلية بهدف زعزعة استقرار البلد، وأيضاً نريدها من جمهور الوفاق الذي مازال يصدق صرخاتهم بشأن الصمود والثورة والنصر المزعوم، في حين لا يرى أنهم في الواقع يريدون أي «فتات» ليقولوا إنه مكسب (ولو كان أولياً أو وقتياً) ليشاركوا في الانتخابات.
وهنا لا ننسى التذكير بـ«عيدية العيد» التي قدمها عيسى قاسم لمريديه حينما قام بشكر «صحيفة الوطن»، نعم شكرها، لأنها أثارت موضوع الدبلوماسيين الإيرانيين والالتقاء به، وهو ما نفاه ونفته السفارة، وهي مسألة بديهية، فمن سيقول لك في وجهك بأنه يخطط عليك؟! وفي الجانب الآخر تصحيحه لما أشارت إليه الصحيفة بأن قاسم يدعو لمقاطعة الانتخابات، إذ قال نصاً وفي خطبته المنشورة في موقع الوفاق: «الظاهر أن الناشر المحترم يظن أن موقفي الشخصي على خلاف المشاركة، وقد تعمد الترويج للعكس»!!
عموماً عيسى قاسم يقول بأنه لا يدعو للمقاطعة أي أنه مع المشاركة، وعلي سلمان «خادمه وسيفه في غمده» يقول بأنه يدعو الناس للمقاطعة إذا لم يتحقق له ولجمعيته شيء من المكاسب! وهنا لكم الخيار في تصديق من فيهم.
اليوم عيد سعيد جديد يحل على البحرين، اخرجوا وافرحوا واسعدوا، ودعوا الوفاق (ولا يهم رأي أتباعها البصامين) دعوهم يحلون أمورهم بينهم ليحددوا موقفهم من المشاركة أو المقاطعة، إذ يبدو جلياً بأن علي سلمان أراد الأيام العشرة ليحسم أمور جمعيته «داخلياً» لا انتظاراً لأية «مكرمات» تمنحه إياها الدولة.
كل عام والبحرين وقيادتها وشعبها المخلص باختلاف تلاوينه بكل الخير.