الحلم المطلق الذي عاشت البشرية لتحققه، واختلف بنو آدم في سبيل بلوغه مشارب عده هو (الفرح). كم اجتمعوا حوله، وكم اختصموا عليه. كم أنجب لهم المناسبات السعيدة، وكم أودى بهم إلى مهالك لا تحتسب. في العيد يجمع الجميع على فرح واحد لأسباب واحدة ومظاهر، غالباً، واحدة.
يقولون إن العيد للأطفال. هم الفطرة الأولى التي تُعرب السعادة عن نفسها في تجلياتها البريئة. الابتهاج البالغ باللبس الجديد، والاندفاع وهو القفز واللعب، والانبهار بالنقود القليلة التي تتحول في ساعات إلى ثروة لا يعرف الطفل كيف يحصيها أو لماذا يدخرها.
العيد للأطفال نعم.. ولكنه للكبار أيضاً، ولكن كما يليق بما نحتته الأعوام وخلفته الأيام من وقار واتزان. حين يعتني الكبار بفرح الصغار فإنهم يحولون مظاهر الفرح، التي تجردوا منها بفعل المضي في مسافة الزمن، إلى من مايزال يمتلك ناصيتها. كل كبير يساهم في إتمام ركن من أركان الفرح عند طفل إنما يدخل في حالة (حلول) مع سعادة الأطفال ويقبض على أيديهم الصغيرة ليقودوه إلى دنيا الفراشات والحلوى والبالونات الملونة، هناك حيث ترك قطعة من أحلامه وعاد في يوم العيد ليزورها.
العيد للكبار أيضاً لأنه ارتبط بالحكمة والعظة البالغة. إذ تسبقه مناسك يشوبها مس من الشقاء والزهد ليتدبر حال غيره من المحرومين. فالعيد شاهد الله علينا أنا من المنعمين والآمنين في ديارهم وأموالهم وأنا من المعافين في أبدانهم وأذهانهم. لن نعدم دروس الغبطة والامتنان في العيد. فكل يوم نتمثل فيه نعم الله علينا، وكل يوم تشرق فيه شمس الأمن والسلامة علينا هو عيد يذكرنا أن العيد خلية حية تتفيأ منطقة وادعة وساكنة في إحدى زوايا أرواحنا، لم يتمكن العلم بإحداثياته أن يحدد موقعها بعد.
أسعد الله أيامكم وأعوامكم، وطيب أوقاتكم وأحوالكم، وحقق في كل يوم جديد ما تصبو إليه أحلامكم. وكل عام وأنتم مكللين بالخير والسعادة والأفراح.