كان العمل الإرهابي الذي طال أجهزة الصرف الآلي ليلة العيد نتيجة حتمية للتدريبات العسكرية للمليشيات الوفاقية التي تحج كل يوم للنجف ومشهد ثم تعرج على جنوب لبنان، وها هي حتى اليوم الفلول تلو الفلول تغادر مطار البحرين متجهة إلى النجف، وقد أعلنت عن نواياها ولبست السواد وخطت الشعارات على قمصانها بكل جرأة وتحدي، فلا حسان لهيبة الدولة أو رجل أمن قد يوقف أحدهم أو حتى يسأله عن هذه الشعارات المعادية للدولة أو دولة خليجية.
فكيف لا يعودون بعد كل ذلك وبعد أن أكملوا التدريبات بتنفيذ العمليات الإرهابية التي دربوا لأجلها، فهي تدريبات لا بد أن تُلمس نتائجها الميدانية، حتى تثبت كفاءة التدريب وتختبر نوايا المتدربين، وهكذا تذهب مليشيات وتعود أخرى؛ فبوابة المطار مفتوحة والطائرات في الانتظار، وهناك أيضاً السفارة البحرينية تقوم بتقديم اللازم من تسهيلات وتقديم رعاية وتتابع أمور هذه المليشيات باسم أنهم مواطنون بحرينيون، أي أن التدريبات تمت بطريقة شرعية، فلا عبء بعدها ولا مشقة، بعد أن قدمت الدولة التسهيلات لهذه الفلول ووفرت الرحلات عبر شركات الطيران الخليجية والعراقية والإيرانية.
أما على الجانب الدولي فها هي أمريكا تشرع هذا النوع من الجرائم والتي لا يقل إرهابها عن تفجيرات 11 سبتمبر التي طالت مبني التجارة العالمي، والتي على إثرها انطلقت الحرب على ما أسموه «الإرهاب» في أفغانستان ثم العراق، فعن صحيفة «ستارز أند ستراييسر» التي يصدرها الجيش الأمريكي في عدد 5 مارس 2014، أن الأسطول الأمريكي الخامس أصدر تحذيراً جديداً لأفراد وأسر البحرية الأمريكية في البحرين بأن يكونوا حذرين عند استخدام الصراف الآلي خارج القاعدة الأمريكية، بعد عثور قوات الأمن البحرينية على عبوة ناسفة بالقرب من أحد أجهزة الصرف الآلي، وقالت الصحيفة ليس هناك استهداف مباشر للأمريكيين؛ إذاً العبوة الناسفة قرب الصراف الآلي لم تشر إليها أمريكا بأنها عمل إرهابي، واكتفت فقط بتحذير جنودها ورعاياها.
نعود هنا أيضاً إلى خطاب أوباما الذي ألقاه في 10 سبتمبر 2014 مع بدء إعلان الحرب على الإرهاب، والذي تعهد فيه بملاحقة المتطرفين في كل مكان، حيث قال إن «التهديدات الأكبر تأتي من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تستغل المجموعات الراديكالية مصادر المظالم من أجل تقدمها الخاص، كما قال إن استقطاب شركاء أكبر لا سيما الدول العربية التي يمكنها أن تساعد في تعبئة السكان السنة في العراق وسوريا لطرد هؤلاء الإرهابيين من أراضيهم، إنها الزعامة الأمريكية في أفضل صورها حيث تؤازر الشعوب التي تناضل من أجل نيل حريتها، فيما تحشد دولاً أخرى من أجل أمننا المشترك بالنيابة عن إنسانيتنا المشتركة» (انتهى الحديث).
نسأل أوباما؛ أليست التفجيرات التي تقوم بها المجموعة الراديكالية في البحرين إرهاب يجب محاربته مثل الحرب على «داعش»؟ أم لأن هذه المجموعات حليفة لكم فهو إرهاب مسموح به كإرهاب الأسد والمالكي وخامنئي وحزب الله؟ ثم كيف تطالب السنة في العراق وسوريا بطرد الإرهابيين من أراضيهم ولا تطالب أو حتى تسمح للبحرين بطرد الإرهاب من أراضيها؟ أم أن الجماعات الراديكالية في البحرين تأتي تحت االتعريف الذي أشرت إليه في خطابك بقولك «إنها الزعامة الأمريكية في أفضل صورها يؤازر الشعوب التي تناضل من أجل نيل حريتها»، إذاً فالعمليات الإرهابية في البحرين مشروعة لأنها تأتي من باب نضال الشعب من أجل نيل حريته.
إذاً فلا لوم على الوفاق إذا اعتبرت أن معارضتها سلمية، ولا غرابة إن استمرت التفجيرات وطالت كل شبر في البحرين وسقط فيها مئات الضحايا طالما لم تطل أمريكياً أو قاعدة أمريكية، وهو إرهاب لا بأس فيه عندما تشمله الدعوة التي أطلقها أوباما في نفس الخطاب وهي «هؤلاء المقاتلون المدربون الذين خاضوا المعارك يمكنهم أن يحاولوا العودة إلى بلدانهم الأم وأن يشنوا هجمات فتاكة»، وهو تشريع آخر يسمح للجماعات الإرهابية بشن هجمات في دولهم.
هنا نعود إلى العمل الإرهابي المجرم الذي طال أجهزة الصراف الآلي ليلة العيد، حيث لم يراعِ فيه حرمة الشهر، فهذه هي المليشيات المجرمة التي تدافع عنها المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، هذه هي المليشيات التي لم تراعِ حق الله ولا العباد، والتي يجب أن يلاحقها التحالف الدولي الذي يلاحق «داعش».
إننا نطالب أمريكا باسم «الشراكة الإنسانية» التي بررت بها الحرب على الإرهاب، أن تصنف الجماعات الإرهابية في البحرين والجمعيات التي تنضوي تحتها هذه المليشيات، بأنها جمعيات إرهابية، لا يحق للمجتمع الدولي التعامل معها، وعلى الدولة أن تتخذ الإجراءات القانونية ضد أعضاء هذه الجمعيات، حتى تصبح البحرين دولة آمنة، وإلا فستكون العاقبة إذا ما تم القبض على المجرمين وترك المحرضين وقادة الإرهاب، عاقبة تفوق الخيال عندما تنقطع شعوب الدول الخليجية عن زيارة البحرين وتصفر مصارفها وتخلى فنادقها وشققها.