قبل عدة أعوام سقط أحد الأطفال وهو يلعب ويمرح في إحدى زوايا المجمعات التجارية من الطابق العلوي، وأدى ذلك الحادث إلى إصابته بشلل تام في جسده، حينها زرته في المستشفى، فكان في حالة يرثى لها، والسبب هو عدم وجود مقومات للسلامة في ذلك المجمع.
اليوم الحوادث تتكرر وتزداد في مجمعاتنا التجارية، فسقوط أحد أسقف المجمعات الجديدة جداً يطلق أمامنا مجموعة من علامات الاستفهام حول مدى ما تتمتع به تلك المجمعات من مقومات للأمن والسلامة، كما تبين للجميع مستوى مقدار الغش في الأدوات المستخدمة في البناء، سواء من طرف المقاول أو من طرف أصحاب المجمعات التجارية.
قبل أيام فقط انحشرت قدم طفلة صغيرة في أحد السلالم المتحركة بأحد المجمعات التجارية كذلك، مما أدى إلى تدخل الدفاع المدني لإنقاذ الطفلة، لكنها أصيبت بكسور، مما اضطر الأطباء الذين جاؤوا بعد ساعات طويلة من الحادث «بعضهم كان راقداً» إلى إجراء أكثر من عملية جراحية لها، وهذا المجمع كذلك يعتبر من أحدث المجمعات التجارية في البحرين!
هذه الحوادث الخطرة هي بمثابة جرس إنذار للجهات المعنية والمشرفة على سلامة المباني والمجمعات التجارية، ولربما شككت حادثة سقوط أحد أسقف المجمعات التجارية مؤخراً، في مدى جدية الكشف عن الخلل الفني في البناء وأدوات السلامة من طرف الجهات الفاحصة عن سلامة المباني، وكيف تم الترخيص لمجمع يسقط سقفه بعد أشهر بسيطة من افتتاحه، وأين كان المفتشون عن هذا الخلل قبل وقوعه وقبل افتتاحه؟
إن سلامة مرتادي المجمعات التجارية هي من مسؤولية المشرفين على المباني في البحرين، وإن وقوع أي حادث من هذا النوع هو مسؤولية المهندس الذي أمضى بسلامة المشروع، وكذلك مسؤولية صاحب المجمع، والمسؤولية الأكيدة تقع أيضاً على المقاول «الغشاش».
يخبرني والد الطفلة التي انحشرت قدمها الصغيرة في أحد السلالم الكهربائية، أن التقرير الأولي للدفاع المدني يؤكد وجود خلل فني في مقومات السلامة في ذات المجمع التجاري، خاصة في الجزء الذي يحمي مستخدمي تلك السلالم الكهربائية، والأدهى من كل ذلك، وبعد مرور نحو أسبوع على وجود الطفلة في المستشفى وإجراء عدة عمليات لها في قدمها، لم يسأل أي من أصحاب المجمع التجاري عن سلامة وصحة تلك الطفلة، وكأنهم ليسوا مسؤولين عن هذه الحادثة، وهذا الذي حدث تماماً أيضاً لعائلة الطفل الذي سقط من الدور العلوي في أحد المجمعات التجارية، والذي ذكرت قصته في بداية حديثي هذا، حيث لم يسأل عنه أحد من أصحاب المجمع التجاري الذي يفوق دخله الشهري عشرات الملايين!!
إن تكرار مثل هذه الحوادث يسيء إلى سمعة البحرين، وهي المعروفة منذ نشأتها بصرامتها في رسم القوانين التي تخص البناء وقواعد السلامة، لكن يبدو أن هنالك بعض التراخي حدث مؤخراً في مراقبة المباني الجديدة، وهذا يعطي الجهات الأمنية الضوء الأخضر بإجراء تحقيقات موسعة حول هذا الأمر، ومحاسبة كل المقصرين في هذا الجانب، فسلامة الناس أهم من كل المجاملات ومن كل مداخيل المجمعات التجارية كذلك.