فتحت الانستغرام في الثامنة صباح أمس وكلي إدراك بأنه السبت يوم إجازة، والناس عادة ما تسهر لوقت متأخر ليلة الجمعة. لكن كانت الصور تنقل الإقبال الكبير من الصباح الباكر للمواطنين على مراكز الانتخاب، قلت قد تخبو الزحمة عصراً، لكن الدهشة كانت أكبر.
أدليت بصوتي الانتخابي في تمام السابعة مساء في المركز الانتخابي العام بعوالي، وهو ثالث مركز توجهنا له أنا وزوجتي بعد مركزي جامعة البحرين وصالة وزارة التربية والتعليم، وحينها أرجعتنا الطوابير الطويلة أمامهما ظناً منا بأننا سنقف لمدة طويلة ننتظر فقلنا لنجرب مركزاً آخر، لكن الحال كان متشابهاً في كل مكان.
كل الناس رأت هذا الإقبال الكبير، السفراء الذين أخذوا «يلفون» في بعض المقرات، وعلى رأسهم السفير الأمريكي والبريطاني رأوا حجم الإقبال، ورأوا شعب البحرين بكل طوائفه وفئاته يشاركون، فأصدرا بياناً يشير فيه لسلاسة سير الانتخابات وإقبال الناس.
عصر الأمس كان مميزاً، تواجدنا في الاحتفال الذي نظمته مشكورة وزارة التربية والتعليم، ويشكر عليه وزيرها الدكتور ماجد النعيمي وطاقمه المجتهد في التنظيم، جوهرة التاج لهذا الحفل كانت متمثلة بمقدم جلالة الملك حفظه الله وسط هدير من هتافات الموجودين من أبناء شعبه ومن الطلبة والطالبات. وفي حديث سريع مع جلالته وعلى محياه ابتسامة فرح وسعادة قلت له باسم جميع المخلصين: المولى حفظ البحرين بإخلاص هؤلاء الناس، حبهم وولاؤهم هو السلاح الأول في وجه كل طامع، ندعو للبحرين بالخير وندعو لك يا أبوسلمان بأن تدوم هذه الابتسامة على محياك، مخطئ من يستهدف البحرين، بلادنا ستظل عصية أمام كل طامع وحاقد.
وسط وقوفنا في طابور الناخبين في المحاولتين الأولى والثانية والثالثة، وسط سلامات الناس ومصافحتهم، تعرف أبناء وطنك، ترى السني واقفاً بجانب الشيعي، وترى المسيحي أيضاً، لا نخطئ اللهجات، وكانت السعادة تغمرنا بشعور صادق حينما نرى أخوتنا من الطائفة الشيعية الكريمة، هؤلاء أبطال رجال ونساء، هؤلاء محبون للبحرين مخلصون لترابها، خرجوا وجاؤوا برغم تهديدات الكارهين لهذا الوطن، صوتوا ولو كلفهم ذلك التوجه للمراكز العامة بعيداً عن أعين الإرهابيين والمحرضين.
هذه البحرين بشيعتها وسنتها، هذه البحرين التي غير واقعها قبل عقد من الزمن حمد بن عيسى، وأدخلها أطواراً متقدمة، وقدم لها مشروعاً ديمقراطياً واعداً، هذه هي البحرين التي بشعبها عصية على شارب أي حاقد، وصلبة أمام أي كاره.
بغض النظر عمن يصل للمجلسين البلدي والنيابي، كان تصويت المخلصين بالأمس لأجل البحرين، لأجل خاطر هذه البلد، حفاظاً على ترابها، صداً لاستهداف الكارهين لها، إيماناً بأن واقعنا الوطني الأفضل يكون بالتكاتف معاً والمضي قدماً، لا بخرق السفينة لإرغامها على الغرق، بل على العكس، من يرد أن يخرق سفينة الوطن سيجد أمامه مئات الآلاف من الوطنيين، سنة وشيعة ومسيحيين وغيرهم سيجدهم يقفون أمامه.
أمام هذه الصور المهيبة، وهذه الأعداد الكبيرة، وهذا الإقبال الواضح، لم يكن في يد الانقلابيين سوى محاولة الاستجداء مجدداً، كتبوها وقالوها: الانتخابات تكريس للأزمة، ومستعدون لحوار جاد!
والله عيب كل العيب أن يدعي هؤلاء أنهم معارضة، والله أنتم وحدكم أنتم ووهم «تصفيركم» هو تكريس للأزمة، وأي حوار جاد أنتم مستعدون له الآن؟! الحوار فتح أمامكم ثلاث مرات، والدولة قبلت أن تمنحكم الفرصة تلو الأخرى، فما كان منكم إلا التعنت والجحود. الآن تتحدثون عن الجدية، وعن الحوار؟! أين تصفير الصناديق، أين اختطاف صوت الشيعة؟! والله شيعة البحرين الكرام المخلصين لتراب هذه الأرض أكرم وأرفع مكاناً من أن يختطف صوتهم حاقد أو يسلب إرادتهم عميل للخارج وصاحب أجندة تخريب وتفتيت.
تحية لأمنا البحرين الشامخة الأبية، كل ذرة تراب فيها أغلى من أي شيء، تحية لقيادتنا ملكاً شهماً ورئيس وزراء محنك وولي عهد طموح، ومليون تحية وتحية لشعب البحرين المخلص، سنته وشيعته، فرداً فرداً، كل من آمن ببلده وأن خيارها التقدم لا التراجع، هنيئاً للبحرين عرسها، ولا عزاء للكارهين، صراخهم سيعلو ويرتفع ويزيد، فهو دائماً كان وسيظل صراخاً على قدر الألم.