يوماً بعد يوم يتفاقم الحديث وتزداد سوء النية من قبل «بعض» النواب تجاه الحكومة، ليزعزع العلاقة بين السلطتين، حتى يتحول الخلاف ليصبح عداءً.
ليست هواجس ولا تكهنات بل أسماء وشواهد عديدة، وأول من طرق باب الحديث فيه، الزميلة سوسن الشاعر في برنامجها «كلمه أخيرة» والذي أذيع ليل الأربعاء الماضي حين استضافت «بعض» النواب، وطرحت أمامهم سؤالاً جوهرياً وملحاً: كيف قررتم من الآن رفض برنامج عمل الحكومة مع أنه لم يقدم لكم كـ»مجلس نواب» إلى اليوم، ولم يعرف ولو حتى ملامح من هذا البرنامج؟ ثم جاء لقاء الكتاب يوم الخميس مع سمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، ليضع النقاط فوق الحروف، ويحول الهواجس إلى حقائق ملموسة ووقائع دامغة!
كعادته رئيس الوزراء وضع جميع من حضر على حقيقة الأمر، وتحدث بقلب مفتوح، وبصراحته المعهودة، كشف أن هناك «بعض» النواب من يسعى ومنذ اليوم الأول إلى إحداث الخلاف بين السلطتين، بل كان صريحاً بما فيه الكفاية حين ذكر أن زيارته صباح الأربعاء الماضي لمجلس النواب، كانت رسالة طمأنة ومحاولة لإبداء حسن نية الحكومة وجديتها في تعاون بناء مع السلطة التشريعية إلى أقصي حد.
وهنا نطرق باب السؤال: سين سؤال: من هم النواب الذين يسعون إلى شق الخلاف بين السلطتين؟ ولمصلحة من؟ ومن المستفيد من هذا الخلاف؟ انتظر، هل جزعت هكذا من مجرد سؤال؟ كيف قرروا رفض برنامج عمل الحكومة، رغم أن الحكومة لم تقدمه إلى الآن ولا أحد يعرف ملامحه؟ وسؤال أخير يعني الكثير، هل يعلم من قرر رفض برنامج عمل الحكومة «قبل أن يقرأه أو يطلع عليه»أن لجنة وزارية واستشارية، على أعلى مستوى، برئاسة سمو ولي العهد، هي من قامت بإعداد برنامج عمل الحكومة؟ دعني يا سيادة النائب أعد صياغة السؤال الذي كدت تجري منه، هل قرارك «المسبق» برفض برنامج عمل الحكومة له مسوغاته وأسبابه المقبولة، وإلا هو رفض من أجل الرفض؟ ماذا تسمي فعلك هذا سوى أنه حالة تربص بالحكومة؟ يعني تأخيراً في المشاريع الإسكانية والصحية والتعليمية والخدماتية والبنية التحتية، يعني تردياً في الحالة المعيشية للمواطن، يعني تأخير إقرار الميزانية، والضحية المواطن!
نحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن الحكومة، بل همنا هو المواطن ومصلحة هذا المواطن فقط، أما الحكومة فلها وزير شؤون المجلسين ليدافع عنها، لذا نقول لهؤلاء السادة النواب، سوء النوايا، سياسة فاشلة، وهو ما قد يورد الوطن إلى المهالك، ولا شيء أسوأ من محاولة خلق حالة من التوتر بين السلطتين لأن من سيطحن ويضيع بين الرجلين هو المواطن، ولا شيء أسوأ من أن تقول كلمتك بالأمس، ثم تعدل عنها في الغد لمجرد أنها لا تتوافق مع مصالحك الشخصية!!
علامتا التعجب أعلاه هي دعوة للسادة النواب للتفكر والتعلم من دروس النواب السابقين الذين نفضهم الشارع، والتدبر والنظر إلى المصلحة العامة بعينين، عين ترى مصلحة المواطن الذين وضع فيكم ثقته، وائتمنكم على أحلامه وحقوقه وطموحه، وعين ترى الظروف السياسية التي تتفاقم يوماً بعد يوم، ولم تبق ولم تذر وتستنزف مقدرات الوطن، وظروفاً اقتصادية خانقة وصعبة إلى أقصى حد نتيجة هبوط سعر النفط إلى أدنى مستوى له.
السادة النواب، إننا أمام لحظة تاريخية ومرحلة جديدة من عمر هذا الوطن، ينظر فيه المواطن إلى مجلسكم بحزن ويأس، وعليكم أولاً أن تعترفوا بمسؤوليتنا عن هذا الحزن واليأس الذي وصل إليه المواطن، وتحزموا أمركم بسرعة وتبدأوا فوراً السير على طريق تخليص المواطن نهائياً من حالة البؤس والإحباط التي يعيشها، فتشرعوا أولاً في محاصرة بؤر الإرهاب وصور العنف المنفلت، من أي قيد أخلاقي أو ضميري ونماذج طائفية شاذة منحرفة، تنخر وتأكل باضطراد وقسوة في جدار الوطن وتسعى إلى تمزيقه.
ولن أنهي مقالي، حتى وإن تجاوزت المساحة المقررة، قبل أن أوجه دعوة إلى الزملاء الكتاب والصحافيين بصفتكم السلطة الرابعة، لحضور جلسة 6 يناير المقبل، حيث الموعد المقرر لتقديم السلطة التنفيذية برنامج عمل الحكومة للسلطة التشريعية، كـ»شاهد عيان» كما أرجو من التلفزيون أن يبث على الهواء مباشرة الجلسة والمناقشات التي ستتم، حتى نضع المواطن أمام حقيقة من يعمل لصالحه ومن يعمل ضد مصالحه، ونكشف الصالح من الطالح.
حفظ الله الوطن من المتسلقين والمتمصلحين والمتملقين.