الله أكبر، البحرين تحترق منذ 4 سنوات، رجال أمن يتساقطون، بين قتيل وجريح، وشوارع صباحاً ومساء، تقطع بالنار والسلاح، وكأن ما يحدث هو العدالة، ولكن عندما يتم توقيف شخص عادي، لا هو رئيس جمهورية، ولا شيخ قبيلة، ولا نبي، ولا عابد يتعبد في صومعته، ولا مصلح اجتماعي، ولا رجل يطعم الفقير، ويكسو المسكين، فإذا بهذه الأصوات التي تبارك الإرهاب وتتباهى بالإرهابيين وتتواصل مع الأمريكان وإيران تخرج علينا بلسانها الطويل تستنكر وتندد، وأخرى تتوعد، وأخرى تستغيث بالبعثات الدبلوماسية، وكأن ما حدث جريمة كبرى، أكبر من جريمة حرق وطن؟!
إن من أوقفته الدولة اليوم كان يجب أن يكون أول الموقوفين، فهو من هتف بإسقاط النظام، وهو من كان يتوعد ويندد ويهدد، وهو من كان يحرض ويفتي بقتل رجال الأمن، وهو من حلل الإرهاب وسماه «نضالاً وجهاداً»، وهو الذي من كان يتخابر مع الدول الأجنبية، وهو من كان يسافر يوماً إلى النجف، ويوماً إلى جنوب لبنان، ويوماً إلى طهران، وهو من لبس بدلته، وطار إلى مصر وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، يدعوهم لمساندته، وطلب منهم مساعدته، فإذن من تم توقيفه اليوم هو شخص خارج على القانون، ويجب محاكمته مثله مثل فيروز وشريف والمقداد، فهو ليس على «رأسه ريشه»، كي يمشي على كيفه وهواه، ويمشي ومعه حراس، وكأنه «رئيس دولة»، فمن هو في الأصل يكون، كي تسكت عنه الدولة لأربع سنوات تقريباً، وهو «يتمختر ويتبختر»، ويقف على المنصات، وحوله جمهور يهتف ويصفق له، ويخاطب شعب البحرين بـ«شعبنا»، ويدعي أن «العاصمة له ولأجداده».
بالله عليكم، قولوا لنا، في أي عقيدة وملة يسمح لشخص أن يحرق البلاد، ويتوعد الناس بزلزال، شخص حرق شوارع البحرين حرقاً ودمر اقتصادها وحرض على قتل أبنائها، وحرض الناس، حتى كادت أن تقع فتنة طائفية واقتتال، وهو ما سعى إليه في الفترة الأخيرة، وعندما تطور التفجير، وانتقل من استهداف رجال الأمن إلى المساجد، ومن ثم سيأتي دور المآتم، وهكذا تتحول البحرين إلى ساحة قتال، نعم، فهو كان سيقود عملية الفتنة، وذلك بعدما سدت جميع الأبواب، ولم يبق في أيديهم إلا الاقتتال الطائفي، الذي كاد أن يحدث لولا يقظة الدولة التي حالت دون حدوثه.
ولكن وبعد عملية التوقيف، التي طالما كان يتمنى الشعب فيها تنفيذ العدالة على الإرهابيين، إننا مازلنا نتساءل ونقول، إن هناك مشتركين معه في الجريمة، من النائب العام لجمعية الوفاق، وأعضاء الجمعية، والجمعيات الأخرى التي شاركت جميعاً في المؤامرة الانقلابية، وتخابرت مع دول أجنبية، وكانت تلعب دوراً مهماً في التحريض على الدولة، ولكن استمروا جميعاً في الاحتفاظ بجميع المزايا من الدولة، من رواتب وغيرها، ومن مزايا خدمية، ولذلك استمر الإرهاب قرابة الأربعة أعوام، أربعة أعوام، خربت البلاد ودمرت الاقتصاد، وهرب فيها المستثمرون، يبحثون عن دول آمنة وشوارع سالكة، أربع سنوات دفع ثمنها الشعب والدولة، هذا الشعب الذي استمر في نضاله يدافع بكل طريقة ووسيلة، فلم يرتح له بال ولم تهدأ له نفس، فكان يرى بلاده تدمر، وهو غير قادر أن يفعل شيئاً، رغم أن النار في قلبه تستعر، وكبده قد نضجت من القهر، وطالما تساءل إلى متى هذا «يتمختر»؟!
ولكن أخيراً، ونتمنى ألا يكون آخراً، بدأ الظلام يتبدد، والسحب تنقشع، حين قامت الدولة بتوقيف أمين عام الوفاق، الذي كان يفترض هذا التوقيف أن يحصل منذ زمن، فتوقيفه ومحاكمته تفرضها القوانين الأمنية، التي تقضي بحبس المتجمهرين، فكيف من يدعو إلى التجمهر والتظاهر كل صباح ومساء، وتحبس من يفجر، فكيف من كان يحث ويحرض على التفجير، ويوكل لهم، فالأدلة لا تحتاج إلى بحث وتجميع، بل هي موثقة ومسجلة، فكل خطبة من خطبه تدينه ألف إدانة، وكل بيان وتصريح وكل مقابلة على قناة أجنبية وإيرانية جميعها تثبت أن ما قام به هو جريمة كبرى تسمى الخيانة العظمى.
ونعود، ونقول، نتمنى ألا يكون هذا التوقيف هو الأخير، بل نطالب بأن تتم محاكمة الآخرين الذين أخذوا يتوارون عن الأنظار خوفاً من أن يأتي دورهم، ويجب أن يأتي دورهم، فجرائمهم لا تقل عمن سحبت جنسياتهم، ولا تقل عمن حكم عليهم بالمؤبد والإعدام.