المقابلة التي أجرتها فضائية اللؤلؤة التابعة لجمعية الوفاق مساء السبت الماضي مع أمين عام جمعية الوفاق، الشيخ علي سلمان، لم تأت بجديد ولكنها أكدت أموراً ورتبت فرصة للدفاع عن النفس ونشر التبريرات وأخرى للتحريض ضد الانتخابات ومواصلة السعي لمقاطعتها وتخريبها، ولعل كل من شاهد المقابلة التي بثت على الهواء مباشرة لمدة ساعة كاملة؛ بدا له واضحاً أن سلمان اطلع على الأسئلة قبل دخوله الأستديو، أو أنه طلب من مقدم البرنامج توجيه أسئلة معينة له والتركيز عليها، ذلك أن المقابلة كانت باهتة ولم يحدث أن فوجئ سلمان خلالها بسؤال، ولم يحدث أن تداخل مقدم البرنامج معه ليعلق على جزئية من جوابه بسؤال يستوضح به أموراً ويكون ممثلاً للآخر غير الحاضر في المكان ولاستفزاز «الضيف»، كما هي المقابلات التلفزيونية في كل الفضائيات، فقد كانت المقابلة بطريقة سؤال وجواب؛ الضيف يعرف ما سيسألونه عنه وأصحاب الدار يعرفون ما سيجيب به الضيف.
كان واضحاً أيضاً توقيت المقابلة التي جاءت قبل أيام قليلة من الانتخابات لتقول الوفاق من خلالها إن قرارها بيدها وإنها لم تتخذ قرار مقاطعة الانتخابات تنفيذاً لتوجيهات وأوامر تلقتها من إيران أو من أي دولة أخرى، وإن علاقتها ببريطانيا وأمريكا كعلاقة أي دولة أو منظمة أو مؤسسة أو شركة بهذه الدول.
وكان واضحاً أسلوب التحريض الذي انتهجه أمين عام الوفاق في المقابلة؛ فقد حرص على توصيل رسالة إلى المقاطعين ملخصها أن اثبتوا على موقفكم و»لا تهنوا وأنتم الأعلون»، وحرص على توصيل رسالة إلى غير المقاطعين ملخصها أن ما ستنتج عنه الانتخابات فيه مضرة لكم فقاطعوها تنجوا وتربحوا وستعتبرون وطنيين، وركز على مسألة أن «المعارضة» تقاطع الانتخابات وأن «غالبية الشعب» يرفضها، واهتم بالقول إن الانتخابات صورية وباهتة ونتائجها لا تمثل الشعب.
المتابع لخطة الوفاق لمحاربة الانتخابات يلاحظ بسهولة كيف أن ما قاله أمينها العام في المقابلة يكرره وفاقيون في الداخل والخارج على شكل تغريدات، ويزيدون أن النظام سخر كل إمكانياته للتحشيد للمشاركة لأنه يعرف أنها لن تنجح ولا قيمة لها، وأن المجلس الناتج عنها سيكون «أخس» من المجلس السابق له.
ترى ما الذي تغير من الظروف عن أيام انتخابات 2006 و2010 التي شاركت فيها الوفاق والجمعيات التي صارت تبدو وكأنها تابعة لها أو فروعها؟ لماذا شاركت هناك وزينت للناس الانتخابات؟ ولماذا قاطعت هنا وأدخلت في عقول الناس أن ما يحدث جريمة وألصقت به كل الصفات السيئة؟ وإذا كانت الوفاق وتوابعها غير مقتنعة بمجلس النواب ولا تعترف به؛ فلماذا لا يزال أعضاؤها يقدمون أنفسهم على أنهم نواب سابقون فيذكرون أينما حلوا وبفخر أنهم (ExMp)؟
الوفاق لعبت بالجمهور في تلك الانتخابات وزينتها لهم وأوصلتهم إلى قناعة ملخصها أن من يتأخر عن التصويت آثم، والوفاق نفسها تقول اليوم للجمهور نفسه إن من يشارك في الانتخابات آثم! أما السبب فهو أنها هناك قررت المشاركة وهنا قررت المقاطعة، ما يؤكد أنها تعتبر الجمهور مجرد أداة ووسيلة ومطية وإلا لتركت أمر المشاركة والمقاطعة له، ولقالت إنها كجمعية قررت عدم ترشيح ممثلين عنها في الانتخابات وأنها تترك قرار المشاركة في التصويت أو المقاطعة لكل فرد حسب ما يراه وليس حسب ما فصلته له.
ما كان على الوفاق أن توضحه للجمهور كي تبدو منصفة له هو أن المجلس الناتج عن الانتخابات سيكون ممثلاً لكل الشعب، وأنه سيمارس التشريع والرقابة وسيقدم المقترحات والمشاريع، وأنه سيتحدث باسم الجميع وليس باسم من انتخبه فقط.
قرار مقاطعة الوفاق للانتخابات حقها، ولكن قرار التحريض على المقاطعة والإيعاز للبسطاء لتخريبها تجاوز واعتداء على حق الجمهور وحق الوطن.