ليست المرة الأولى التي تتلطخ فيها الأرض البحرينية بالدماء الزكية، وليست المرة الأولى التي يتعرض فيها رجال الأمن لغدر الإرهاب والإرهابيين، وليست المرة الأولى التي تجد البحرين فيها نفسها تغالب بين الحزن العميم والصمود المقيم وبين الغضب العارم والتصميم الحازم؛ لكنها المرة الأولى التي يسيل فيها الدم البحريني جنباً إلى جنب مع الدم الإماراتي على الأرض البحرينية، والمرة الأولى التي تلتقي فيها على أرض البحرين وفود البرلمانات العربية فيما تتعرض فيها البحرين لغدر الإرهاب وغولاء التخريب الذي لا يراعي في أبناء الوطن وضيوفه والمقيمين إلاً ولا ذمة.
لقد كنا نتمنى أن نستقبل أخواننا أعضاء البرلمانات العربية بغير الدماء النازفة والأرواح المزهقة والغدر الذي تمتد يده الغاشمة لتصيب الرجال الذين يسهرون على أمن الوطن واستقراره، كما امتدت في السابق مرات ومرات لتسفك الدم الحرام، وتخون الوطن، وتتنكر للمواطنة، وتتجاهل الإنسانية..
لكنها إرادة الله ومشيئته التي أرادت أن يشهد هؤلاء البرلمانيون العرب على ما تعاني منه البحرين منذ 3 سنوات، وأن يشهد وفد المفوضية الأممية لحقوق الإنسان على ما تحدثت عنه الوفود البحرينية الرسمية كثيراً في المنتديات الدولية وما كانت المنظمات غير المسؤولة والتي تدَّعي اهتمامها بحقوق الإنسان، تتعامى عنه طويلاً وتحاول أن لا تسمعه ولا تراه، بل وتجتهد في تجاهله، بينما تقوم وتقعد وتصدر البيان تلو البيان لمجرد استدعاء النيابة العامة لناشط مزعوم أو ناشطة مغرورة ممن يزعمون العمل في مجال حقوق الإنسان، وهم أول من يستهتر بأرواح الناس ودمائهم ويميز بينهم تبعاً للإثنية والهوية والطائفة والجنسية!
لقد تعرضت مملكة البحرين الصامدة وشعبها الصابر للكثير الكثير من الأفعال والممارسات الإرهابية، واستخدمت منابر الدين فيها للتحريض على الإرهاب وسفك الدماء، واستخدمت منابر ومنظمات حقوق الإنسان فيها لتجنيد المخربين والإرهابيين، وتدريبهم، وتزويدهم بأسلحة تتفوق في خطورتها على الأسلحة النارية، تحت طائلة ومظلة الزعم بالعمل الحقوقي والإنساني!
تعرضت مملكة البحرين بشعبها ودولتها وقيادتها ومؤسساتها وحتى البرلمانية والقضائية منها، لفبركات وتعديات وظلم وسائل الإعلام التي تعمل ضمن منظمات الإرهاب والفوضى، وعملت هذه الماكينات الغاشمة على تشويه صورة البحرين والتشويش على صوت الحق والحقيقة فيها.. وبُذلت في ذلك أموال طائلة حرام.. ومخططات جهنمية.. وتحالفات شيطانية.. وعصابات إرهابية.. وفضائيات تجهيلية.. ودول وسفارات ومنظمات وأجهزة استخبارية تحالفت كلها من أجل أن تزعزع صمود هذا البلد الطيب.. وتنال من كرامته وأمنه وعزته.. وتعبث بنسيجه الاجتماعي المتكافل والمتآلف منذ مئآت السنين.. وتغتال وحدته الوطنية التي لطالما حرستها العناية الإلهية ووعي أبناء البحرين وحكمة قيادتها..
وصحيح أننا عانينا الكثير الكثير من إرهاب وتخريب وتعديات وفبركات وتشويه وظلم وتدخلات سافرة في أخص شؤوننا الداخلية والوطنية، وصحيح أن المتآمرين والأعداء بذلوا الغالي والنفيس من أجل تفتيت وحدتنا الوطنية، وتشتيت شملنا الاجتماعي ونسيجنا الوطني، والمساس برايتنا الوطنية التي تجمعنا وتوحد صفوفنا وتحرس نهضتنا وتنميتنا ومنجزاتنا! وصحيح أننا خسرنا من مكتسباتنا ومن تنميتنا ومن مالنا ومقدراتنا؛ بل من أرواح أبنائنا ومن دمائنا الزكية ومن امننا وراحتنا، لكننا مع ذلك لم نطأطىء جبيننا الوطني ولم ترهبنا المخططات الشيطانية والخطط الجهنمية، ولم تفقد وحدتنا الوطنية روحها الأصيلة التي لطالما كانت الحارس لنا ولطالما كنا الحراس لها.
هكذا؛ وفي هذه الظروف، شاءت إرادة المولى عز وجل أن نستقبل أعضاء البرلمانات العربية، وشاءت إرادة الله أن يكونوا شهوداً على البحرين القوية وهي تقف صفاً واحداً في وجه الإرهاب.
وهكذا؛ وفي هذه الظروف تتعرض مملكة البحرين لكل هذه التدخلات السافرة من بعض المنظمات المشبوهة ومن بعض المؤسسات البرلمانية الغربية ومنها البرلمان الأوروبي، وهو أمر لا يمكن القبول به أو تمريره دون تشكيل موقف وطني جامع وجبهة وطنية رافضة ومعبرة عن سيادة البحرين وعزتها وكرامتها وقدرتها على رد مثل هذه التدخلات الغاشمة والمبنية على معلومات مغلوطة وأخبار مفبركة وتقارير لجهات ومنظمات ترى بعين واحدة وتتجاوز القوانين الدولية والأنظمة والدساتير لتنفيذ أجنداتها الاستعمارية والعدوانية تجاه الدول الناجحة والشعوب المسالمة.
وإذا ما كانت لنا أمنية بعد كل ذلك؛ فهي أن يتخذ المجتمعون في مملكة البحرين تحت مظلة البرلمان العربي موقفاً قومياً ووطنياً مناصراً للبحرين في معركتها الذي تدافع فيه عن وحدتها الوطنية وعن عروبة أرضها ووحدة قرارها وأمن شعبها واستمرارية نهضتها وإنسانية رسالتها وحضارتها.
*عضو مجلس الشورى