«من أرهب الشعب يردع بالقانون»؛ جملة كررها رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة مراراً، واختصر بها أسلوب الدولة في التعامل مع كل من يسيء إلى الوطن. هذا يعني أنه لا تعسف ولا عقوبات مبنية على العواطف والانفعالات، ويعني أن نظرة الدولة ورجالها إلى الأمور تختلف عن نظرة العامة الذين تكون مواقفهم في الغالب محكومة برد الفعل.
البحرين لا تعادي أبناءها ولا تعادي أحداً، قريباً كان أو بعيداً، كل ما تفعله في حالة التجاوز عليها والإساءة إلى الوطن هو أن تحتكم للقانون ليأتي إليها بحقها ويعاقب المسيء، وهذا يؤكد أن البحرين دولة قانون وأنها لا تركن إلى العواطف في تعاملها مع المخربين والإرهابيين والمسيئين إليها، ولا تصدر الأحكام بناء على رد فعل آني، ففي البحرين قضاء مستقل يتعامل مع مختلف القضايا بتجرد ويصدر أحكامه بناء على ما يتوفر من أدلة ملموسة يطمئن إليها القضاة، أما الدولة فتقبل بكل ما يصدر من القضاء من أحكام وإن لم تكن في صالحها، فالقانون عليها قبل أن يكون على غيرها.
هذه الصورة الجميلة للقضاء البحريني ولأسلوب الدولة في التعامل مع الأحداث يسعى البعض الذي اختار طريق الإساءة إلى البحرين إلى تشويهها والادعاء بأن ما يتم ممارسته على أرض الواقع هو عكسها، واللافت أنه لم يحدث قط أن قال هذا البعض كلمة طيبة عن القضاء البحريني رغم تبرئته للكثير من المتهمين الذين لم يقتنع بالاتهامات الموجهة إليهم أو لم يجد الدليل لإدانتهم أو شك في أمر ما، حيث الشك يكون دائماً لصالح المتهم.
المحامون والحقوقيون والسياسيون الذين تستضيفهم الفضائيات السوسة وخصوصاً فضائية «أنباء العالم» الإيرانية المعادية للبحرين يحرصون دائماً على تقديم الصورة غير الحقيقية لواقع القضاء والقانون في البحرين، يتجاوزون عن الأسباب التي أدت إلى صدور الأحكام ضد المتهمين موضوع الحديث ويركزون على النتيجة، بل إنهم يعتبرون ما فعله الجناة حقاً وواجباً ووطنية يستحقون عليها الثناء والجائزة وليس العقاب، ولا يأتون لا من قريب ولا من بعيد على موضوع أن البحرين تردع من يرهب الشعب بالقانون، ذلك أنهم يعتبرون أن كل ما تقوم به الدولة هو خارج القانون ويعتقدون أن القانون إنما يطبق على من لا ظهر له.
الحادث الأخير الذي وقع في الديه لم تركن فيه الدولة إلى العواطف، وإن بدا فعلها وكأنه رد فعل بسبب تكثيف الإجراءات الأمنية التي كان لابد منها لضبط الجناة، ولكنها اتبعت طريق القانون والمقاضاة، فأبلغت النيابة العامة واتخذت كل الإجراءات الكفيلة بحصول المتهمين على حقوقهم التي يكفلها الدستور والقانون، والكفيلة بحصولها على حقها كدولة مسؤولة عن حياة المواطنين والمقيمين.
من يرهب الشعب تردعه الدولة بالقانون، لهذا فإن الدولة تحرص على ألا تقع تحت وطأة الضغوط الشعبية التي تطالبها بالقصاص وتطالب بالقضاء العاجل، فالدولة رغم أنها هي الأخرى تستعجل حصول الجناة على ما يستحقونه من عقاب إلا أنها تبحث عن القضاء العادل وليس القضاء العاجل، وهذا فارق مهم يسجل لصالح الدولة والقيادة، ففي دولة القانون والمؤسسات لا مجال للعواطف والانفعالات، ولا تنظر الدولة إلى ما يريده الجمهور وإنما تنظر إلى العدالة التي تطمئن إليها، فهي لا تقبل أن يؤخذ أحد بجريرة آخر وإنما أن يطال العقاب المسيء ومن أجرم في حق الدولة والناس.
تطبيق القانون وفرض أحكامه كفيل بوقف الإرهاب الذي تتعرض له البحرين، هذا يؤكد أن الدولة تعيد الأمور إلى نصابها بالقانون وليس بالعصا كما هو الحال في الدول التي يتخذها البعض نموذجاً ومثالاً!