قبل يومين أعدت نشر «رتيويت» تغريدة لأحد المواطنين البريطانيين يهدد فيها بتحويل البحرين إلى بركة دماء، وكتبت هذه التغريدة إهداء إلى السفارة البريطانية، وذلك من أجل تنبيهها إلى صورة من صور «الإرهاب» الذي يصدر من بعض موطنيها تجاه مملكة البحرين، وكتبت أن الإهداء موصول لوزارة الخارجية البحرينية، وهنا مربط الفرس.
فلو تصورنا العكس.. لو أن مواطناً بحرينياً نشر تغريدة كتب فيها أنه سيحول بريطانيا إلى بركة دماء في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا تتعرض لتفجيرات كالتي حدثت في مترو الأنفاق، وهو شخص يدعي أنه قيادي في التنظيم الذي يقوم بالأعمال الإرهابية في بريطانيا، فهل ستقف وزارة الخارجية البريطانية أو حكومة بريطانيا تتفرج عليه؟ الصحيح أنه لو تقاعست عن ملاحقة هذا الإرهابي لجلدتها الصحافة ولحاسب النواب وزراءها وحكومتها حساباً عسيراً.
لا أقصد هنا الترصد لبريطانيا تحديداً، فصحيح أن بريطانيا ساعدتنا في الآونة الأخيرة بشكل كبير وجرى تحول ملحوظ في سياستها الخارجية تجاه مملكة البحرين ورأينا كيف قدمت الدعم لشعبنا في الآونة الأخيرة حين تركت له حرية اختيار مصيره وتحديد أولوياته، وبإمكانها أن تقدم أكثر، إنما في حال لو تحركنا نحن كدولة بشكل أفضل.
فالحكومة البريطانية أو أية حكومة أخرى لا يمكنها أن تساعدنا ما لم نطلب نحن المساعدة بشكل مدروس ضمن استراتيجية شاملة لملاحقة الإرهاب خارج حدود البحرين، بمعنى تجلس الدولة بأجهزتها على طاولة مباحثات، وتقرر أن تحول قضية الإرهاب الذي تتعرض له البحرين إلى قضية دولية، حينها عليها أن تضع استراتيجية شاملة لهذا التحول، وتضع قرارات ينوط بتنفيذها جميع أجهزة الدولة، وزارة العدل ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية وتدرس الاحتمالات والفرص بشكل جيد، فالقانون الدولي عالج مثل هذه الأمور ولم يتركها كي يمارس الإرهاب إرهابه عبر البحار ويفلت من العقاب.
إنما لو اعتقدنا أن طلب المساعدة الدولية في ملاحقة مصادر الإرهاب يعد مؤشراً على تقصيرنا كدولة وتقصير أجهزتنا، فإننا لن نتحرك، فإذا كانت أمريكا وهي أقوى دولة في العالم طلبت -بل فرضت- على المجتمع الدولي أن يساعدها في ملاحقة الإرهابيين، وملاحقة أموالهم وتتبعها وفتحت لها خزائن البنوك والمحافظ النقدية، وفرضت على الدول قمع وإسكات محرضي الإرهاب ومنظريهم، وحولت مصادر تهديد أمنها إلى مصادر تهديد للعالم بأسره! وتحرك وزراء خارجيتها ومندوبوها في الأمم المتحدة وعبر سفرائها واستخرجوا القرارات وفرضوا على المجتمع الدولي ولاحقوا من يهدد أمنهم إلى آخر بقاع الدنيا، وإذا تصرفت أمريكا بلا حساب لاستحقاقات السيادة الوطنية للدول الأخرى ولم تراعِ استحقاقات والتزامات وحدود القانون الدولي، فاخترقت أجواء لدول وقتلت من تراهم هي مصدر تهديد لها بطائرات بدون طيار، وحطت بطائراتها دون إذن السلطات واختطفت من تعدهم هي مصدر تهديد دولي وألقت في البحر بمن تشاء منهم وجعلت من يستنكر هذه الأفعال بمثابة الداعم للإرهاب، ولم تفكر لا في قانون دولي ولا في سيادة دول ولا في حقوق إنسان، فهل نتردد نحن في أن نضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته على الأقل؟ هل عجزنا إلى هذا الحد؟
تنويه:
ورد في مقال سابق أن وزيرة الخارجية البريطانية زارت البحرين والصحيح أنها وزيرة الداخلية.