قبل أسبوع من اليوم، وتحديداً في يوم الجمعة الماضي، كتبتُ هنا مقالاً بعنوان «المنامة والمحرق.. قصة مشتركة من ضياع الهوية»، هاتفني وكلمني الكثير من المواطنين من كافة مناطق البحرين، يؤكدون بأن بقية المناطق البحرينية تعاني من ضياع «بحرنة المكان» كما يحدث حالياً في محافظتي المنامة والمحرق، حتى أصبحت «الغربة»، هي السمة المشتركة بين كافة محافظات البحرين، وهذا يعطينا مؤشراً خطيراً للغاية حول ضياع الهوية الوطنية في هذا الوطن.
كل الذين التقيتهم بعد الجمعة الماضي من المواطنين، أكدوا بأن النسيج المجتمعي في المنامة والمحرق بات متفسخاً من الهوية البحرينية الأصيلة، وأن كل ما يمكن أن يظل من الهوية سقط بفعل الاختلاط القاسي مع الإخوة الأجانب في هاتين المدينتين وبقية المدن الأخرى، بل وصل الحال أن أصبحت بعض القرى تعاني ذات المشكلة، فالسياسة واحدة كما هي ثقافة مجتمعنا ثقافة مشتركة في مسألة عدم الحفاظ على الهوية الوطنية. أحد الرفاعيين علق بعد مقالتي السابقة قائلاً وبالحرف الواحد «المحرق والمنامة القديمتان انتهتا تقريباً، والحين الدور على مدينة عيسى والرفاع القديمة وحتى الغربي. كم مرة كتبنا وعلقنا واتصلنا بالإذاعات، وكلمنا نواب المنطقة لكن بدون فايدة، البحرينيون يهجرون بيوتهم بعدما صارت ورث، ويتم تأجيرها على عمال كسكن لهم، وفي البيت الواحد يعيش أكثر من 200 عامل في بيت يكون مرتعاً للفئران والحشرات والروائح «...». مجمع 812 مدينة عيسى صار قطعة آسيوية، أما البيوت فتحولت لتجمع «الكوارتين» وعلب البيبسي والحديد، وأي بيت بحريني يغادره أهله لأجل السفر، يتم سرقته من قبلهم في الليل، فالعمال يتجولون «بالوزار» والبحرينيون يخافون على أولادهم وبناتهم من الخروج في تلك المناطق، فهم سدوا الفرجان بسيارات العمال كسيارات «السكس ويل» و»البيك أب». إن الحل يكمن في عمل مدن خاصة للعمال ومدن أخرى خاصة بالعزاب منهم، ومن ثم التفكير بإعادة البحرينيين لبيوتهم التي تركوها.
بينما كنت أسير قبل يومين في شوارع العاصمـــة، أوقفنـــي أحد المناميين «المعتقين» وهو يشير إلى وجوه الأجانب التي امتلأت بها طرقات المنامة وهو يقول لي «لقد أصبتَ كبد الحقيقة عندما تحدثت في مقالك السابق عن مسخ الهوية البحرينية بطريقة متعمدة، فكلما تخطيتُ زقاقاً، آمنتُ أن كل حرف كتبتهُ يمثل واقعاً من ألم نعيشه كل يوم».
لا نريد تكرار المتكرر في هذا الإطار، بل نريد فعلاً حاسماً وسريعاً تقوم به الدولة، بالتوازي مع المواطنين أنفسهم، في سبيل الحفاظ على ما تبقى من البيوت البحرينية التراثية القديمة، ولملمة الهوية البحرينية الضائعة من مدننا وطرقاتنا، وتكريم كل بحريني ظل متعلقاً بمنزله الأصلي، دون الحاجة لبيعه أو تأجير ذكرياته ومكان منشأ عواطفهِ على أجنبي لا يفهم في ذاكرة المكان سوى في كونه شخصاً مستأجراً لغرفة كانت في الأساس، محطة حميمية بين أبناء البيت الواحد والوطن الواحد، ولأجل دنانير تافهة بدأنا ببيع تاريخنا في لحظات طمع صغير، فيا للحسرة على ما فرطنا في هويتنا البحرينية لأجل مال لا يقاس بالعراقة والتاريخ، فغداً ستكون الندامة.
{{ article.visit_count }}
كل الذين التقيتهم بعد الجمعة الماضي من المواطنين، أكدوا بأن النسيج المجتمعي في المنامة والمحرق بات متفسخاً من الهوية البحرينية الأصيلة، وأن كل ما يمكن أن يظل من الهوية سقط بفعل الاختلاط القاسي مع الإخوة الأجانب في هاتين المدينتين وبقية المدن الأخرى، بل وصل الحال أن أصبحت بعض القرى تعاني ذات المشكلة، فالسياسة واحدة كما هي ثقافة مجتمعنا ثقافة مشتركة في مسألة عدم الحفاظ على الهوية الوطنية. أحد الرفاعيين علق بعد مقالتي السابقة قائلاً وبالحرف الواحد «المحرق والمنامة القديمتان انتهتا تقريباً، والحين الدور على مدينة عيسى والرفاع القديمة وحتى الغربي. كم مرة كتبنا وعلقنا واتصلنا بالإذاعات، وكلمنا نواب المنطقة لكن بدون فايدة، البحرينيون يهجرون بيوتهم بعدما صارت ورث، ويتم تأجيرها على عمال كسكن لهم، وفي البيت الواحد يعيش أكثر من 200 عامل في بيت يكون مرتعاً للفئران والحشرات والروائح «...». مجمع 812 مدينة عيسى صار قطعة آسيوية، أما البيوت فتحولت لتجمع «الكوارتين» وعلب البيبسي والحديد، وأي بيت بحريني يغادره أهله لأجل السفر، يتم سرقته من قبلهم في الليل، فالعمال يتجولون «بالوزار» والبحرينيون يخافون على أولادهم وبناتهم من الخروج في تلك المناطق، فهم سدوا الفرجان بسيارات العمال كسيارات «السكس ويل» و»البيك أب». إن الحل يكمن في عمل مدن خاصة للعمال ومدن أخرى خاصة بالعزاب منهم، ومن ثم التفكير بإعادة البحرينيين لبيوتهم التي تركوها.
بينما كنت أسير قبل يومين في شوارع العاصمـــة، أوقفنـــي أحد المناميين «المعتقين» وهو يشير إلى وجوه الأجانب التي امتلأت بها طرقات المنامة وهو يقول لي «لقد أصبتَ كبد الحقيقة عندما تحدثت في مقالك السابق عن مسخ الهوية البحرينية بطريقة متعمدة، فكلما تخطيتُ زقاقاً، آمنتُ أن كل حرف كتبتهُ يمثل واقعاً من ألم نعيشه كل يوم».
لا نريد تكرار المتكرر في هذا الإطار، بل نريد فعلاً حاسماً وسريعاً تقوم به الدولة، بالتوازي مع المواطنين أنفسهم، في سبيل الحفاظ على ما تبقى من البيوت البحرينية التراثية القديمة، ولملمة الهوية البحرينية الضائعة من مدننا وطرقاتنا، وتكريم كل بحريني ظل متعلقاً بمنزله الأصلي، دون الحاجة لبيعه أو تأجير ذكرياته ومكان منشأ عواطفهِ على أجنبي لا يفهم في ذاكرة المكان سوى في كونه شخصاً مستأجراً لغرفة كانت في الأساس، محطة حميمية بين أبناء البيت الواحد والوطن الواحد، ولأجل دنانير تافهة بدأنا ببيع تاريخنا في لحظات طمع صغير، فيا للحسرة على ما فرطنا في هويتنا البحرينية لأجل مال لا يقاس بالعراقة والتاريخ، فغداً ستكون الندامة.