ما ورد من اعترافات في المقابلة الحصرية التي أجرتها الزميلة الجلف ديلي نيوز ونشرتها بالتزامن جريدة أخبار الخليج على لسان موظف السفارة الأمريكية فضح بما لا يدع مجالاً للشك انحياز العاملين في السفارة الأمريكية وعدم حياديتهم في كتابة التقارير، لم يكن ذلك الاعتراف سوى تحصيل حاصل لما نعرفه كلنا، إنما هو الآن شهادة موثقة من أهلها تؤكد ما كنا نشعر به من انحياز واضح للخارجية الأمريكية لجماعة الولي الفقيه في البحرين، إلا أنها تعتبر «إعلامياً» خبطة صحافية لا غبار يشوبها ونهنئ الزملاء عليها.
جمع المعلومات عموماً عمل مشروع لأي صاحب قرار، السفير في كل دول العالم عليه أن يجمع المعلومات من كل الأطراف، المعلومة كما يقال عنها «سلاح» يعتمد على كيف توجهه.
وما ذكره الموظف السابق كياني حول التعليمات التي كانت تصدر من السفير الأمريكي «بالاهتمام» بجريدة الوسط وجمعية الوفاق والمجلس العلمائي في اعتمادها كمصدر للمعلومات أمر مشروع، فهذه المؤسسات الثلاث هي الأذرع السياسية والإعلامية والدينية لجماعة واحدة ولحزب واحد هي «جماعة الولي الفقيه» من مقلدي خامنئي أو السيستاني، إنما حين ينعكس هذا «الاهتمام» إلى تبني لوجهة نظر هذه الجماعة في التقارير المرفوعة للخارجية الأمريكية والانتقائية من تلك المعلومات فإنه يتعدى الاهتمام المشروع ويفقد مشروعيته تماماً ويتحول إلى انحياز مقصود ومع سبق الإصرار والترصد.
تماماً مثلما ينعكس هذا «الاهتمام» بنيل أعضاء تابعين لتلك الجماعة لنصيب الأسد من البرامج التدريبية التي تشرف عليها السفارة وتحظى بدعم مالي سخي، هنا لم يعد الأمر مجرد «اهتمام» بالشعب البحريني ولا حتى اهتمام بالشيعة، كما إنه بالتأكيد ليس اهتماماً بنشر ودعم الديمقراطية، إنما هو اهتمام ممنهج ومدروس ومرسوم بدقة لتمكين جماعة راديكالية محددة للوصول إلى مواقع صنع القرار في البحرين.
إن ما ذكره محمد كياني الموظف السابق في السفارة الأمريكية لا يعكس سوى أحد مظاهر التحالف الأمريكي مع الجماعة، الذين رغم علم الدوائر الأمريكية المعنية بأنها راديكالية تميل للعنف منذ تعاملها معها في العراق وفي لبنان، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمدت تمكين أعضاء تلك الجماعة عبر برامج دعم الديمقراطيات وتعمدت تبييض تلك الوجوه الإرهابية عبر انحيازها لها في تقاريرها وعبر تبييض صورتها وتسويقها داخل الدوائر الأمريكية بل وحتى داخل الدوائر البحرينية التي تثق بالرؤية الأمريكية على أن أعضاء تلك الجماعة الثيوقراطية حتى النخاع والمؤمنة بكرامات وعصمة الفقيه، سوقتها لهم على أنها جماعة مدنية تسعى لنيل حقوق إنسانية مشروعة.
تقرير وزارة الخارجية الأمريكية واستمرار برنامج تبييض الوجوه لأفراد من تلك الجماعة هناك، وتصريحات زائري البحرين للضغط عليها من أجل تمكين تلك الجماعة عبر الحوار معها، ما هي إلا مؤشرات تؤكد استمرار ذات السياسة وعدم تغييرها منذ عشر سنوات إلى الآن رغم تغير السفراء ورغم ادعاءات الوفود الزائرة من المسؤولين الأمريكيين مؤخراً بأن هناك تغييراً في السياسة الأمريكية.