مضى أسبوع على طرح بعض الهموم الخاصة بالمواطنين في هذه الزاوية، كما هي العادة في طرح مجموعة من هموم المواطنين قبل عدة أشهر، لكن كعادتها تظل العلاقات العامة في تلك الوزارات الخدمية لا تقرأ الصحف اليومية أو أنها تقرأ فلا تهتم، وفي كلتا الحالتين يعتبر هذا الأمر «مصيبة».
لا يمكن للصحافيين أن يستمروا في طرح هموم الوطن والمواطنين في ظل صمت غير مبرر للمؤسسات الرسمية، والتي في غالبيتها بعيدة كل البعد عن هموم الشارع وما يتبناه الإعلام من ملفات تخص الناس وقضاياهم.
في جلسة جمعتني بالمصادفة مع مواطن عادي وموظف يعمل في قسم العلاقات العامة بإحدى مؤسسات الدولة، فتحدث المواطن عن مشكلة تواجهه مع ذات المؤسسة التي يعمل فيها صاحبه الموظف، وهل باستطاعته أن يجد له حلاً لتلك المشكلة؟ وحين عرف الموظف أن مشكلة صاحبنا لن يجد لها أي حل عندهم، لأنه يعرف خبايا قسم العلاقات العامة وبقية أقسام وزارته، فما كان منه إلا أن اقترح على المواطن بالاتصال مع برنامج «صباح الخير يا بحرين» الإذاعي، وقال له بالحرف الواحد «هذوله ما ينفع معاهم إلا الإذاعة، فالصحافة لا تحرك فيهم ساكناً، وأنا أقول لك هذا الكلام من واقع التجربة»!
هذا موظف لا يعرفني ولا أعرفه، ولكنه يعرف كيف تسير أمور إدارات وأقسام العلاقات العامة في غالبية مؤسسات الدولة، ويدرك جيداً أن الحديث عبر الإذاعة له وقع شديد أكثر من الصحافة. إن كان هذا الكلام فيه الكثير من الصحة، فالمسؤولية تقع على عاتق الوزراء الذين لا نعلم لحد هذه اللحظة؛ هل هم أيضاً يقرؤون الصحف اليومية أم لا؟ وهل يعرفون ما يجري في أقسام العلاقات العامة الخاصة بوزاراتهم من تسيب، أم أن كل علاقاتهم بهذه الأقسام، لا تعدو ولا تتجاوز ترتيب المؤتمرات وشراء الهدايا والورود واستقبال الضيوف، وترتيب تفاصيل سفرهم للخارج؟
حين نعلم بتفاصيل المبالغ الضخمة المخصصة لسفر الوزراء واستقبالاتهم وبرتوكولاتهم، والتي يتولاها موظف العلاقات العامة، ندرك حينها جيداً لماذا لا تملك أقسام العلاقات العامة الرسمية الوقت الكافي لمتابعة هموم المواطنين أو حتى قراءة الصحف اليومية للرد عليها!
استطاع صاحبنا الموظف بقسم العلاقـــات العامــة أن يوصــــــل للمواطن الشاكي «مسجاً» في غاية الأهمية، وهو في حال استطعت أن تصرخ خارج إطار الصندوق الرسمي فافعل، وإلا لن يسمع صوتك أحد، فكل الآذان مغلقة، لأنها مشغولة بترتيبات سفر معالي الوزير، فمن تكون أيها المواطن؟
من المهم أن تكون هناك متابعة لهذا الملف الهام من طرف رئاسة الوزراء، ومحاسبة المقصرين في تلك الأقسام الخاملة، وإلا إذا بقينا نحاول أن نعلق الجرس في رقبة الوزراء ووزاراتهم وموظفيهم الكسالى، فإننا لن نستطيع، فرقبة الوزير طويلة لا نطالها، ولن تطالها سوى قرارات رئاسة الوزراء.