معنى كلمة «رائد» كمصطلح ومفهوم هو من يتقدم قومه وينير لهم الطريق، هو ذلك الشخص الذي يخلق قيمة فعلية لأي منتج أو خدمة جديدة، وهو من يمهد السبيل لها، وهو الشخص الذي يأتي في الطليعة ويكون أول من يبادر وينجز، وهو من يدل الناس على الشيء. كذلك تأتي من يراود «أي يذهب ويأتي»، ويميل الرواد إلى استغلال مواردهم لتحقيق نتائج استباقية وغير معروفة داخل قطاع معين، والرائد قد يكون مبتكراً في مجال أو مشروع جديد.
التمهيد الذي سقناه يأتي لتصحيح المفاهيم المتداولة في قطاع الإعلام والصحافة ولعنونة الأمور بشكلها الصحيح، خاصة مع تكرار مناسبات تكريم رواد الإعلام والصحافة كل سنة، سواء من الجهات الرسمية أو الأهلية، واستعراض أسماء الرواد التي تخلو وتسقط رواد المشروع الإصلاحي للإعلام البحريني الحديث، خاصة مع محاولتنا لنقل ما يجري بالخفاء من أحاديث وملامسة ما يكابر فيه من قبل عدد من الأسماء الإعلامية التي تبدي امتعاضها «همساً» خلال هذه المناسبات من تكرار وجوه العهد القديم للصحافة والإعلام البحريني كأن «مافي في هالبلد إلاهالولد»، مقابل إسقاطها من الحسابات وعدم الاعتراف بتاريخها في تأسيس الإعلام البحريني الحديث، ودون -لا نقول تنال حقها في التكريم أو التقدير- بل بشكل دقيق ونشدد على الاعتراف بما أنجزته وكانت رائدة فيه فيما يخص الإعلام الحديث لمملكة البحرين والنقلة النوعية التي صاحبته.
عند الاطلاع والقراءة في تاريخ البحرين الحديث، دائماً ما يلاحظ أن النقلة النوعية التي جاء بها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، والذي أحدثها في مختلف المجالات بما فيه مجال الإعلام، يكتشف أن هناك مشروعاً إصلاحياً إعلامياً ضخماً ورائداً قد انطلق مع هذا العهد الجديد، وجاء من خلاله كثير من الإعلاميين الذين ساهموا في تأسيس كيان وأركان الدولة الإعلامية الحديثة لمملكة البحرين، والذين رغم حداثة سن بعضهم وقلة خبرتهم إلا أنهم قرروا خوض التجربة والمجازفة والدخول في مغامرة التحدي في تغيير المجتمع الذي اعتاد جمهوره على نمط ورتم معين في الخطاب الإعلامي التقليدي، وكانوا بالفعل رواداً إعلاميين استطاعوا أن يوجدوا خارطة الطريق لتنفيذ هذه النقلة الديمقراطية الكبيرة على أرض الواقع، وتأسيس خطاب إعلامي بحريني جديد فيه أعلى درجات النقد والمكاشفة، خاصة في الميدان الإعلامي، وكانوا سفراء في تهيئة المجتمع وتعريفه بهذه النقلة النوعية، وكانوا مثل عمال البناء الذين قاموا ببنائه على أرض الواقع باندفاع وجدية وصبر وأسسوا له، خاصة أمام شرائح لم تكن حينها قد فهمته واستوعبته، وهي تتعامل معهم وأمام مسؤولين كانوا حينها ما يزالون في عهود الأبواب المغلقة والديكتاتورية التي لا تتقبل الانتقاد والمكاشفة وجرأة الطرح، لذا هم رواد إعلاميون جدد زاحموا رواد الإعلام للعهد القديم، لكن للأسف دائماً ما يلاحظ أن هناك عدم اعتراف بهم وتقديرهم ودائماً ما يجري إسقاطهم من معادلة رواد الإعلام البحريني ككل.
ما نود بيانه وتأكيده هنا أننا نرفع كارت الاعتراض على إلغاء تاريخ هؤلاء الإعلاميين، خاصة الشباب، الذين لا يعترف بهم في أي محفل ومناسبة إعلامية يتم فيها إبراز رواد الإعلام والصحافة، بالأخص عندما تأتي مناسبة هامة كيوم الصحافة العالمي، والذي تكون فيه أنظار العالم متجهة نحو هذه المحافل، وللأسف لم نجد أحداً يستغل تاريخهم أيضاً ليؤكد أن البحرين مملكة الديمقراطية وحرية التعبير والإعلام الحديث المنفتح لإبراز هذه الوجوه الإعلامية الشبابية التي تدعم الصورة المشرقة عن البحرين على المستوى الإقليمي والدولي.
الملاحظ أن هناك قصوراً وتجاهلاً بما جازفوا فيه، خاصة مع أولى خطوات تأسيس المشروع والنقلة النوعية ما بين الخطاب الإعلامي القديم والحديث، ومن خلال نشر فضائح الفساد وقضايا لم نكن لنسمع بها أو نعرفها في فترة الصحافة التقليدية وقبل هذا المشروع، وأمام مجتمع لم يستيقظ أيامها وكان يحتاج لوقت ليستوعب هذه الدرجة الكبيرة من الحرية والديمقراطية ليتفاعل معها.
سؤال؛ هل كان بالإمكان قبل المشروع الإصلاحي نشر ملفات الفساد الإداري والمالي؟ هل كان بالإمكان رؤية حوار مفتوح مع وزير أو مسؤول كبير بالدولة يساءل فيه عن مختلف القضايا التي تتعلق بقطاعه وتتناول مواطن القصور وتنتقده بأعلى درجات الحرية والشفافية؟ هؤلاء الذين حاولوا تغيير الواجهة الإعلامية لتأسيس وبناء واجهة إعلامية جديدة ألا يستحقون التقدير والاعتراف بتاريخهم وهو أقل القليل؟ لماذا نرى دائماً نفس الوجوه المتكررة لعهد الإعلام المخملي الهادئ الذي كان يخلوا من مثل هذه المواجهات والمشاكسات والديمقراطية والجرأة المرتفعة الوتيرة؟ هل ذنب هؤلاء أنهم في سنوات قليلة قد استطاعوا إيجاد تجربة إعلامية جديدة كانوا رواداً فيها؟ أم لأنهم في سن لم يتجاوز الأربعين أو الخمسين سنة حتى يتم الانتباه لهم؟ لماذا لا يأخذ كل جيل حقه في التقدير في زمنه هو، لا أن تزاحم معه أجيال سابقة، كان من المفترض تقديرها وقتها والاعتراف بإنجازاتها؟ كذلك هل يستوي هؤلاء مع كامل احترامنا وتقديرنا لكل من كرموا وقدروا مع هؤلاء الذين سابقوهم وكانوا رواداً عليهم في العمل الميداني وتغطية أول انتخابات بلدية ونيابية تقوم في مملكة البحرين وتغطية جلسات المجالس النيابية والبلدية والتردد على الجمعيات السياسية التي وقتها لم تكن موجودة بالساعات الطوال والنزول إلى الناس والاحتكاك بهم والتواصل؟ الذين كانوا رواداً في الإعلام المرئي والمقروء والمسموع والإلكتروني والتغطيات ذات النمط الإعلامي الذي يتماشى مع الإعلام الحديث بدول العالم المتطورة؟ هل يجب أن يمضي هؤلاء أكثر من عشرين سنة ويشيب شعر رأسهم حتى يعترف بهم ويتم الانتباه لهم وإدخالهم في معادلة رواد الإعلام البحريني؟
مع كامل احترامنا وتقديرنا فالكتاب والإعلاميون والصحافيون للعهد القديم يختلفون تماماً في رحلة عطائهم عن هؤلاء، فلماذا يتم وضعهم وكأنهم هو الرواد فقط مقابل إسقاط تاريخ هؤلاء الذي يعني إسقاطهم إسقاط تاريخ الإعلام الحديث والديمقراطي للبحرين؟ هل هناك تأخر أو تخلف حاصل لدينا في إيجاد تحديث للمعايير التي من خلالها يتم اختيار الأشخاص لتقديرهم وتصنيفهم كرواد للإعلام؟ هل بالأصل هناك معايير وشروط موجودة ويتم الالتزام بها؟
هؤلاء الشباب والإعلاميون الذين جاءوا مع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك دخلوا في مواجهات التغيير، وتحدوا، وكانت لهم الجرأة والإصرار وتعرضوا لمشاكل وتهديدات، خاصة أولئك العاملين ميدانياً في الشأن السياسي والأمني، وظلوا يتداولون أموراً ربما من المحال أن يتم تداولها ليس في دول خليجية فحسب، بل حتى عربية أو إقليمية، واجتهدوا لتأسيس صورة مشرقة للإعلام البحريني المليء بالحرية والمصداقية والشفافية وطرح مواضيع قد لا تخطر على البال خلال فترة الثمانينات والتسعينات أيامها.
ألا تعد سابقة أن نجد الأخبار تنشر أولاً بأول إلكترونياً وتدار مواقع إخبارية إلكترونية للصحف وحسابات للتلفزيون لرواد أوجدوا عهداً جديداً للإعلام الإلكتروني في البحرين؟ ألا تعد سابقة أن يكتب كاتب مقالاً يدفع السفارة الأمريكية للرد عليه وتهديده؟ ألا تعد سابقة أن تقتحم إعلامية مستشفى السلمانية الطبي ميدانياً ورغم تعرضها لحملات تهديد وتشهير تواصل عملها في التغطيات الإعلامية؟ ألا تعد سابقة نزول مراسلين سواء للتلفزيون أو الصحافة مع أول انتخابات بلدية ونيابية ليتم تغطيتها حتى ساعات الفجر الأولى ولأكثر من ثمان ساعات عمل متواصلة، ونقل هذه العملية الديمقراطية بكل شفافية ومصداقية؟
هناك إعلاميون دخلوا إلى أماكن لم يستطع أحد الدخول إليها قبلهم، ووصلوا إلى مواقع كانت في العهد القديم محظورة ومحظور التداول بشأنها وساهموا في إظهار الحقائق، فلماذا يسقط تاريخهم في كل مناسبة ولا يتم الاعتراف بهذا التاريخ الريادي في الإعلام؟ حتى في حفلات تكريم المرأة الإعلامية للأسف تسقط من الحسبان دائماً كل إعلامية نزلت ميدانياً في زمن كانت الإعلامية البحرينية «بنت الديره» من الصعب رؤيتها ولم يتعود المجتمع على مشاهدتها تنزل ميدانياً وتواجه الناس وتعقد اللقاءات معهم وتغطي الانتخابات، هناك إسقاط لتاريخ هذه الفئة ويبدو أن غياب واضح لمراعاة معايير التكريم واستيعاب التغير الحاصل على مستوى الدولة ككل واستيعاب مفهوم الريادة ومعنى الرواد.
لسنا بصدد مهاجمة إعلامي العهد القديم أو الانتقاص من حقهم، فهم مدارس وطنية، ولهم كل المحبة ويستاهلون التقدير وهم جسور إعلامية ساهموا في إكمال المشهد الإعلامي للبحرين، لكن لا يعني هذا أن يبرز تاريخهم ويوضعوا على حساب تاريخ هؤلاء الإعلاميين الذين عملوا وأفنوا 14 سنة دون أن يأتي أحدهم ويقول لهم شكراً لأنكم كنتم الرواد الذين أوجدوا الإعلام الحديث للبحرين.
هؤلاء يستحقون التكريم والإشادة، فإن كان هناك تحرج من تكريمهم فلا تلغوا تاريخهم رجاء، فيكفي ما بالبيئة الإعلامية البحرينية من سوء إداري وتخبط ووضع وظيفي تعبان جعلتنا متأخرين عن كل الدول.
التمهيد الذي سقناه يأتي لتصحيح المفاهيم المتداولة في قطاع الإعلام والصحافة ولعنونة الأمور بشكلها الصحيح، خاصة مع تكرار مناسبات تكريم رواد الإعلام والصحافة كل سنة، سواء من الجهات الرسمية أو الأهلية، واستعراض أسماء الرواد التي تخلو وتسقط رواد المشروع الإصلاحي للإعلام البحريني الحديث، خاصة مع محاولتنا لنقل ما يجري بالخفاء من أحاديث وملامسة ما يكابر فيه من قبل عدد من الأسماء الإعلامية التي تبدي امتعاضها «همساً» خلال هذه المناسبات من تكرار وجوه العهد القديم للصحافة والإعلام البحريني كأن «مافي في هالبلد إلاهالولد»، مقابل إسقاطها من الحسابات وعدم الاعتراف بتاريخها في تأسيس الإعلام البحريني الحديث، ودون -لا نقول تنال حقها في التكريم أو التقدير- بل بشكل دقيق ونشدد على الاعتراف بما أنجزته وكانت رائدة فيه فيما يخص الإعلام الحديث لمملكة البحرين والنقلة النوعية التي صاحبته.
عند الاطلاع والقراءة في تاريخ البحرين الحديث، دائماً ما يلاحظ أن النقلة النوعية التي جاء بها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، والذي أحدثها في مختلف المجالات بما فيه مجال الإعلام، يكتشف أن هناك مشروعاً إصلاحياً إعلامياً ضخماً ورائداً قد انطلق مع هذا العهد الجديد، وجاء من خلاله كثير من الإعلاميين الذين ساهموا في تأسيس كيان وأركان الدولة الإعلامية الحديثة لمملكة البحرين، والذين رغم حداثة سن بعضهم وقلة خبرتهم إلا أنهم قرروا خوض التجربة والمجازفة والدخول في مغامرة التحدي في تغيير المجتمع الذي اعتاد جمهوره على نمط ورتم معين في الخطاب الإعلامي التقليدي، وكانوا بالفعل رواداً إعلاميين استطاعوا أن يوجدوا خارطة الطريق لتنفيذ هذه النقلة الديمقراطية الكبيرة على أرض الواقع، وتأسيس خطاب إعلامي بحريني جديد فيه أعلى درجات النقد والمكاشفة، خاصة في الميدان الإعلامي، وكانوا سفراء في تهيئة المجتمع وتعريفه بهذه النقلة النوعية، وكانوا مثل عمال البناء الذين قاموا ببنائه على أرض الواقع باندفاع وجدية وصبر وأسسوا له، خاصة أمام شرائح لم تكن حينها قد فهمته واستوعبته، وهي تتعامل معهم وأمام مسؤولين كانوا حينها ما يزالون في عهود الأبواب المغلقة والديكتاتورية التي لا تتقبل الانتقاد والمكاشفة وجرأة الطرح، لذا هم رواد إعلاميون جدد زاحموا رواد الإعلام للعهد القديم، لكن للأسف دائماً ما يلاحظ أن هناك عدم اعتراف بهم وتقديرهم ودائماً ما يجري إسقاطهم من معادلة رواد الإعلام البحريني ككل.
ما نود بيانه وتأكيده هنا أننا نرفع كارت الاعتراض على إلغاء تاريخ هؤلاء الإعلاميين، خاصة الشباب، الذين لا يعترف بهم في أي محفل ومناسبة إعلامية يتم فيها إبراز رواد الإعلام والصحافة، بالأخص عندما تأتي مناسبة هامة كيوم الصحافة العالمي، والذي تكون فيه أنظار العالم متجهة نحو هذه المحافل، وللأسف لم نجد أحداً يستغل تاريخهم أيضاً ليؤكد أن البحرين مملكة الديمقراطية وحرية التعبير والإعلام الحديث المنفتح لإبراز هذه الوجوه الإعلامية الشبابية التي تدعم الصورة المشرقة عن البحرين على المستوى الإقليمي والدولي.
الملاحظ أن هناك قصوراً وتجاهلاً بما جازفوا فيه، خاصة مع أولى خطوات تأسيس المشروع والنقلة النوعية ما بين الخطاب الإعلامي القديم والحديث، ومن خلال نشر فضائح الفساد وقضايا لم نكن لنسمع بها أو نعرفها في فترة الصحافة التقليدية وقبل هذا المشروع، وأمام مجتمع لم يستيقظ أيامها وكان يحتاج لوقت ليستوعب هذه الدرجة الكبيرة من الحرية والديمقراطية ليتفاعل معها.
سؤال؛ هل كان بالإمكان قبل المشروع الإصلاحي نشر ملفات الفساد الإداري والمالي؟ هل كان بالإمكان رؤية حوار مفتوح مع وزير أو مسؤول كبير بالدولة يساءل فيه عن مختلف القضايا التي تتعلق بقطاعه وتتناول مواطن القصور وتنتقده بأعلى درجات الحرية والشفافية؟ هؤلاء الذين حاولوا تغيير الواجهة الإعلامية لتأسيس وبناء واجهة إعلامية جديدة ألا يستحقون التقدير والاعتراف بتاريخهم وهو أقل القليل؟ لماذا نرى دائماً نفس الوجوه المتكررة لعهد الإعلام المخملي الهادئ الذي كان يخلوا من مثل هذه المواجهات والمشاكسات والديمقراطية والجرأة المرتفعة الوتيرة؟ هل ذنب هؤلاء أنهم في سنوات قليلة قد استطاعوا إيجاد تجربة إعلامية جديدة كانوا رواداً فيها؟ أم لأنهم في سن لم يتجاوز الأربعين أو الخمسين سنة حتى يتم الانتباه لهم؟ لماذا لا يأخذ كل جيل حقه في التقدير في زمنه هو، لا أن تزاحم معه أجيال سابقة، كان من المفترض تقديرها وقتها والاعتراف بإنجازاتها؟ كذلك هل يستوي هؤلاء مع كامل احترامنا وتقديرنا لكل من كرموا وقدروا مع هؤلاء الذين سابقوهم وكانوا رواداً عليهم في العمل الميداني وتغطية أول انتخابات بلدية ونيابية تقوم في مملكة البحرين وتغطية جلسات المجالس النيابية والبلدية والتردد على الجمعيات السياسية التي وقتها لم تكن موجودة بالساعات الطوال والنزول إلى الناس والاحتكاك بهم والتواصل؟ الذين كانوا رواداً في الإعلام المرئي والمقروء والمسموع والإلكتروني والتغطيات ذات النمط الإعلامي الذي يتماشى مع الإعلام الحديث بدول العالم المتطورة؟ هل يجب أن يمضي هؤلاء أكثر من عشرين سنة ويشيب شعر رأسهم حتى يعترف بهم ويتم الانتباه لهم وإدخالهم في معادلة رواد الإعلام البحريني؟
مع كامل احترامنا وتقديرنا فالكتاب والإعلاميون والصحافيون للعهد القديم يختلفون تماماً في رحلة عطائهم عن هؤلاء، فلماذا يتم وضعهم وكأنهم هو الرواد فقط مقابل إسقاط تاريخ هؤلاء الذي يعني إسقاطهم إسقاط تاريخ الإعلام الحديث والديمقراطي للبحرين؟ هل هناك تأخر أو تخلف حاصل لدينا في إيجاد تحديث للمعايير التي من خلالها يتم اختيار الأشخاص لتقديرهم وتصنيفهم كرواد للإعلام؟ هل بالأصل هناك معايير وشروط موجودة ويتم الالتزام بها؟
هؤلاء الشباب والإعلاميون الذين جاءوا مع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك دخلوا في مواجهات التغيير، وتحدوا، وكانت لهم الجرأة والإصرار وتعرضوا لمشاكل وتهديدات، خاصة أولئك العاملين ميدانياً في الشأن السياسي والأمني، وظلوا يتداولون أموراً ربما من المحال أن يتم تداولها ليس في دول خليجية فحسب، بل حتى عربية أو إقليمية، واجتهدوا لتأسيس صورة مشرقة للإعلام البحريني المليء بالحرية والمصداقية والشفافية وطرح مواضيع قد لا تخطر على البال خلال فترة الثمانينات والتسعينات أيامها.
ألا تعد سابقة أن نجد الأخبار تنشر أولاً بأول إلكترونياً وتدار مواقع إخبارية إلكترونية للصحف وحسابات للتلفزيون لرواد أوجدوا عهداً جديداً للإعلام الإلكتروني في البحرين؟ ألا تعد سابقة أن يكتب كاتب مقالاً يدفع السفارة الأمريكية للرد عليه وتهديده؟ ألا تعد سابقة أن تقتحم إعلامية مستشفى السلمانية الطبي ميدانياً ورغم تعرضها لحملات تهديد وتشهير تواصل عملها في التغطيات الإعلامية؟ ألا تعد سابقة نزول مراسلين سواء للتلفزيون أو الصحافة مع أول انتخابات بلدية ونيابية ليتم تغطيتها حتى ساعات الفجر الأولى ولأكثر من ثمان ساعات عمل متواصلة، ونقل هذه العملية الديمقراطية بكل شفافية ومصداقية؟
هناك إعلاميون دخلوا إلى أماكن لم يستطع أحد الدخول إليها قبلهم، ووصلوا إلى مواقع كانت في العهد القديم محظورة ومحظور التداول بشأنها وساهموا في إظهار الحقائق، فلماذا يسقط تاريخهم في كل مناسبة ولا يتم الاعتراف بهذا التاريخ الريادي في الإعلام؟ حتى في حفلات تكريم المرأة الإعلامية للأسف تسقط من الحسبان دائماً كل إعلامية نزلت ميدانياً في زمن كانت الإعلامية البحرينية «بنت الديره» من الصعب رؤيتها ولم يتعود المجتمع على مشاهدتها تنزل ميدانياً وتواجه الناس وتعقد اللقاءات معهم وتغطي الانتخابات، هناك إسقاط لتاريخ هذه الفئة ويبدو أن غياب واضح لمراعاة معايير التكريم واستيعاب التغير الحاصل على مستوى الدولة ككل واستيعاب مفهوم الريادة ومعنى الرواد.
لسنا بصدد مهاجمة إعلامي العهد القديم أو الانتقاص من حقهم، فهم مدارس وطنية، ولهم كل المحبة ويستاهلون التقدير وهم جسور إعلامية ساهموا في إكمال المشهد الإعلامي للبحرين، لكن لا يعني هذا أن يبرز تاريخهم ويوضعوا على حساب تاريخ هؤلاء الإعلاميين الذين عملوا وأفنوا 14 سنة دون أن يأتي أحدهم ويقول لهم شكراً لأنكم كنتم الرواد الذين أوجدوا الإعلام الحديث للبحرين.
هؤلاء يستحقون التكريم والإشادة، فإن كان هناك تحرج من تكريمهم فلا تلغوا تاريخهم رجاء، فيكفي ما بالبيئة الإعلامية البحرينية من سوء إداري وتخبط ووضع وظيفي تعبان جعلتنا متأخرين عن كل الدول.