متابعة حال الوفاق اليوم بعد إغلاق باب الترشح «برنامج» في حد ذاته، فالصراخ لديهم على قدر الألم، وهو ألم الفشل من امتلاك الجرأة لدخول الانتخابات ومواجهة شارعهم المنفلت بشبابه الملثمين ورامي المولوتوف والذين أثبتوا أنهم هم من يقودون الوفاق من أنفها لا العكس.
طبعاً لا داعي للتذكير بهلوسة الوفاق وتصريحاتها المتناقضة سواء من قبل مرجعها من على منبره الذي يخلط فيه الدين بالسياسة، أو من قبل أعضائها الذين لم يتوانوا حتى عن إطلاق الفبركات والأكاذيب بشأن المال السياسي وغيره، لكن متابعة تغريدات خادم الولي الفقيه يوم أمس بحد ذاتها تكشف الحال الذي وصلت إليه الجمعية الانقلابية.
قبل أن نعرج على ذلك؛ مهم جداً أن نسجل سطوراً هنا بحق ردود الفعل التي تحصل عليها موقف أمين عام الأمم المتحدة السيد بان كي مون والذي أشاد بخطوات جلالة الملك الإصلاحية إضافة لدعوته «جميع البحرينيين» للمشاركة في الانتخابات النيابية.
قبل أيام غرد علي سلمان في «تويتر» راجياً من أتباعه مخاطبة السيد بان كي مون حتى يصدر عنه شيء باسم الأمم المتحدة يدعم موقف الوفاق، وطبعاً بين هازئ بعلي سلمان من جمهور الوفاق وبين متعاط مع دعوته، كانت هناك تغريدات أشبه بالتوسل لأمين عام الأمم المتحدة، لكن المفارقة أن بان كي مون صرح بعكس ما تشتهيه الوفاق؛ بل دعا الجميع للمشاركة في الانتخابات.
في ظرف أيام معدودة، تحول بان كي مون من شخص يتوسلونه ويطلبون منه دعم موقفهم إلى شخص يتعرض للشتم والتنكيل والاستهزاء، وكل هذا موجود في وسائل التواصل الاجتماعي، وليتهم أكثروا من الكتابة بالإنجليزية حتى يستوعب الغرب حقيقة الوفاق «المزدوجة» وكيف أنها ترتدي ألف قناع وقناع لأجل مصلحتها، إذ من مطالبين بكلمات فيها احترام للمسؤول الأممي إلى شاتميه ومتطاولين عليه. هذه هي ديمقراطيتهم يا سيد بان كي مون، ولا يحتاج أن نضيف شيئاً على ذلك.
طبعاً كلام بان كي مون إصابة في مقتل، فحلم «تدويل» قضية البحرين بحيث تتحقق رغبتهم بإجراء استفتاء أممي حلم تلاشى وتبخر رسمياً اليوم، وللمفارقة فإن هذه الخطوة حصلت في السبعينات حينما استهدف الشاه الإيراني البحرين، واليوم هؤلاء يريدون إعادة استنساخها في وضع مشابه أصلاً، إذ البحرين متعرضة لاستهداف من طابور إيراني في الداخل.
عموماً، تغريدات علي سلمان عن مشروع الوفاق تستوجب وقفة، لأنها تنضح بكذب صريح، وفي طياتها أيضاً يمكن معرفة حجم خيبة الأمل وحالة الانهيار التي يعيشها خادم الولي الفقيه الذي كان يمني نفسه بأن يعيد جماعته للبرلمان ليتحصلوا على المكتسبات وليتغلغلوا من جديد في أجهزة الدولة، فإذا به الآن محكوم عليه (وبإرادته) أن يعيش لأربع سنوات في الشارع يقوده شباب مشحون حول العنف إلى هواية يومية.
بعض تغريدات سلمان التي تناقضها تصريحات ومواقف سابقة له نوردها هنا من ردود مقتضبة فقط لبيان كيف تكون «صناعة الكذب» التي باتت الوفاق أكبر مورد لها.
يقول: «مشروع المعارضة يتضمن انتخابات تقوم على أساس المساواة بين المواطنين في الصوت الانتخابي». ونقول: بدليل أن الوفاق حاولت الضغط لتغيير الدوائر الانتخابية حتى تضمن وصول أغلبية كبيرة للبرلمان، بالتالي أين هي المساواة هنا؟! للتذكير نائب وفاقي صرح بنبرة أشبه للبكاء بأن تعديل الدوائر لن تحصل الوفاق فيه إلا على 16 مقعداً. تناقض فاضح!
يقول: «مشروع المعارضة يحمي الأقليات السياسية والدينية». ونقول: بدليل أن التهديدات في محاولة الانقلاب استهدفت المكونات الأخرى المختلفة معها الوفاق مذهبياً وسياسياً. ما حصل في الجامعة وما حصل من قطع طرق واستهداف للمقيمين والأجانب، كل هذا يمثل الحماية التي يقول عنها علي سلمان! كذب وتدليس صريح هنا.
يقول: «مشروع المعارضة يحمي المال العام». ونقول: واضح كيف كانت حماية الوفاق للمال العام، وكأن أعضاءها رفضوا أي نوع من العطايا، وكأن تقرير أملاك الدولة لم يستخدمه بعض أعضائها لابتزاز بعض الوزراء ليوظفوا قوائم هنا وهناك. آخر من تتكلمون عن المال العام، وأنت سبب من هدره بدعم التحريض والتخريب الذي يطال الممتلكات العامة.
يقول: «مشروع المعارضة ينتج حكومة تمثل إرادة الشعب يمكن محاسبتها وعزلها وسجنها إذا سرقت». ونقول: كلنا نعرف الحكومة التي تريدها الوفاق، تريد حكومة يحكمها الولي الفقيه المعمد من مرشد إيران. هو نفسه جاثم في موقعه في الجمعية لأكثر من عقد ولا يتزحزح، إرادة الشعب لديه تعني إما تأتمر بأمر الوفاق وإن خالفتها حالك حال عضو الوفاق بونبيل الذي مورس عليه أبشع أنواع قمع الرأي وسلب الحريات.
يقول: «مشروع المعارضة يدعم الانتماء لمجلس التعاون ويبني علاقات إيجابية مع الإقليم والعالم». ونقول: هذه كذبة كبيرة من شخص لم يستطع لسانه لفظ كلمة «العربي» حينما تحدث عن الخليج، من شخص أعضاء جمعيته تطاولوا على السعودية خلال محاولة الانقلاب وما أعقبها ووصفوا قواتها في درع الجزيرة بقوات احتلال. تكذب على من؟!
يقول: «مشروع المعارضة يحترم حقوق الإنسان والحرية ولا يوجد به معتقلو رأي». ونقول: ما حصل لـ «بونبيل» يثبت احترامكم لحرية الإنسان، وسكوتكم عن استهداف مكونات المجتمع من السنة والمقيمين والعمالة يؤكد احترامكم لحقوق الإنسان. أما مسألة معتقلي الرأي، فحادثة الزميل طارق العامر وحدها كفيلة ببيان كيف أنكم لا تحجرون على الآخرين آرائهم، بل كل شتائم وتطاول خادم الولي الفقيه بحق كتاب وإعلاميي البحرين المخلصين تبين كيف أن من يختلف معه لا يخرج عن توصيفات المرتزقة والمأجورية وعملاء النظام.
يقول: «مشروع المعارضة مسخر لخدمة المواطن الإنسان وليس قبيلة أو طائفة». ونقول: واضح ذلك تماماً لأن استهدافكم للناس مبني على الانتماء والولاء لكم، الإنسان في تقييمكم هو الوفاقي الذي يهتف لعيسى قاسم فقط، وما خلاف ذلك ليس إنساناً. ألستم أنتم من قلتم «لا شرعية لكم» و«ارحلوا» و«الموت لـ...» و«يسقط النظام»؟!
صراخك على قدر الألم، فلا دول أوروبية باتت مواقفها كما السابق، كرايجيسكي الذي استمات من أجلكم خيبتم ظنه، وحتى بان كي مون قال لكم ادخلوا، لكن باب الترشح أغلق ولن يفتح إلا بعد أربعة أعوام.