هل نحن مقبلون على مرحلة جديدة؟ سؤال مهم جوابه نعم. البحرين مقبلة على مرحلة جديدة ليست الانتخابات النيابية والبلدية إلا أول طريقها، فمن تابع تصريحات القيادة في الفترة الأخيرة يمكنه الاستنتاج بأن في الجو أخباراً طيبة، وأن البحرين على أبواب الانتقال إلى مرحلة جديدة يصير معها كل ما جرى في السنوات الثلاث ونيف الأخيرة من الماضي الذي سرعان ما سينسى ويدخل في جيب التاريخ.
الواضح للمراقب أن الدولة على وشك الإعلان عن حزمة من المشاريع والقرارات التي من شأنها أن تنقل البحرين إلى آفاق أرحب، لكنها ستكون على مراحل لا فاصل زمني كبير بينها، والغالب أن فترة الانتخابات والفترة التي تليها مباشرة ستشهدان الكثير من المفاجآت التي تصب في صالح الوطن والمواطن.
هنا ينبغي تصحيح خطأ ظل ينتشر؛ فالمشروع الإصلاحي لجلالة الملك لم يأت لفترة محددة، هي تلك التي طور فيها جلالته الكثير من الأوضاع وغيّر الأحوال والمفاهيم، ولكنه مشروع كبير لم يتم بعد الانتهاء من تنفيذ كل ما يحتويه من أفكار ومشروعات وآمال. كان من أدوات هذا المشروع الذي لفت أنظار العالم إليه وأبهره ميثاق العمل الوطني ودستور 2002 والتعديلات التي طالته بعد ذلك وحزمة القرارات والمشاريع التي صبت في صالح الاقتصاد والسياسة والمجتمع والثقافة ومعيشة المواطن البحريني، أي أن الميثاق والدستور لم يكونا الهدف ولكنهما كانا من أدوات تحقيق الأهداف التي تم تقديمها في صيغة مشروع أطلق عليه اسم المشروع الإصلاحي.
ما ستشهده الفترة المقبلة لا يخرج عن المشروع الإصلاحي الذي من المهم أيضاً التوضيح بأنه لم يأت بسبب وجود خلل ولم يكن ثورة، فالإصلاح يعني وجود وضع به خلل يتطلب تحسينه أو تعديل ما هو خطأ أو ما هو غير مرضي عنه، وهذا لم يكن موجوداً من الأساس، على الأقل بالمفهوم الذي انتشر، فالبحرين هذه الدولة الحضارية التي دخلت الكهرباء بيوتها ورصفت الطرقات الداخلية لقراها بالإسفلت قبل أكثر من سبعين عاماً، وواكبت كل تطور شهده العالم مبكراً لم تكن تعاني من الخلل أو الخلل الكبير الذي يتطلب التحسين والتعديل والإصلاح الفوري، حيث البحرين على مدى تاريخها بلد حضارة وهي منفتحة على العالم وعلى كل جديد ومتطور، وهذا يشمل كل المجالات. أي أن المشروع الإصلاحي لم يأت لإصلاح خلل أو الثورة عليه وتغييره من جذوره ولكن أتى لأن البحرين كانت مهيأة للدخول في مرحلة جديدة تتطلب أدوات جديدة كان منها الميثاق والدستور وحزمة القرارات والمشاريع التي ارتقت بالبحرين في مختلف المجالات في السنوات الاثني عشر الأخيرة.
المشروع الإصلاحي كان نتيجة قراءة جلالة الملك الواعية للواقع وقدرته على استشراف المستقبل، لذلك فإن الآتي ينبع من النبع نفسه ويصب في تحقيق الأهداف نفسها، فما مر كان جزءاً من المشروع الإصلاحي وليس كله. ولأن المرحلة الجديدة لها ظروف خاصة بها وتتوفر فيها معطيات لم تكن تتوفر في المرحلة الأولى من عهد صاحب الجلالة، لذلك فإن أدواتها بطبيعة الحال ستكون مختلفة.
ولأن التطور من سنة الحياة ولا يمكن لأحد الوقوف في طريقه، لذلك فإن الأخطاء التي ارتكبها البعض أخيراً بمقاطعة الانتخابات النيابية والبلدية وبالمواقف السلبية من المشاريع التي تطرحها الدولة ليستفيد منها المواطن لن تؤثر على المشروع الإصلاحي ولن تعيق تنفيذ آمال وطموحات صاحب الجلالة الملك المفدى، الذي شهد له العالم كله بجرأته وقدرته على اتخاذ القرارات الصعبة، حيث المشروع الإصلاحي لم يكن مجرد أفكار يتطلب تنفيذها قرارات ولكنه كان مشروعاً متكاملاً لتطوير الوطن والارتقاء به ليكون قادراً على التكيف مع مرحلة جديدة من تاريخه والمراحل التالية.