خيراً فعلت وزارات الداخلية وشؤون الإعلام والبلديات حين عقدت مؤتمراً صحافياً وأصدرت تصريحات صريحة وواضحة بشأن ما شهدته البلاد في الأيام الأخيرة خاصة ما يتعلق بعمليات الترهيب واستهداف المترشحين للبرلمان وتحديداً المرشحين من الطائفة الشيعية الكريمة.
المؤتمر الصحافي الذي عقده وزيرا الإعلام والبلديات مهم في توقيته لبيان ما يحصل وكيف أن عمليات التحريض مازالت مستمرة وكيف أن الإرهاب تطور ليطال من أخذوا قراراً حراً بالمشاركة في الانتخابات مخالفين بذلك دعوة الجمعيات الانقلابية للمقاطعة.
إرهاب وترهيب واضح يمارس لا تخطئه العين، بدأ منذ تهديد العضو الوفاقي بونبيل الذي أخذ قرار رجل حر ليترشح للانتخابات، لكنه أجبر على الانسحاب بعد تهديده وبالأخص في عائلته وأبنائه.
من يمارس هذا النوع من الإرهاب هو الذي يدعي أمام العالم أنه يمارس أساليب سلمية في معارضته، من يمارس هذا النوع من الترهيب هو الذي يدعي أنه المظلوم والمنتهكة حقوقه.
وزارة الداخلية عبر وزيرها الرجل الفاضل أعلنت عن خطوات لحماية المترشحين وعوائلهم، ورغم أنها خطوة إيجابية لكنها تدفعنا للتساؤل: في أي عرف وفي أي دولة فيها ديمقراطية وانتخابات تحصل هذه الممارسات الإرهابية ويتم قمع آراء الناس بهذه الصورة وإجبارهم على سحب طلبات ترشحهم بالوعيد والتهديد؟!
الوفاق ادعت طوال السنوات الماضية أنها تملك الشارع، ونصبت نفسها وصية على الطائفة الشيعية، وأخذت تصرخ وتقول في كل محفل بأنها المتحدثة باسم الشعب، وكل هذا كذب تدحضه ببساطة عملية الترشح للانتخابات والتي شهدت ترشح العديد من الشخصيات الوطنية من المذهب الشيعي الكريم، في دلالة على حرية هؤلاء الناس وقناعتهم بأن الدور الوطني لا تحده حدود ولا تكون وصية عليه جمعية سياسية لها أجندتها التي تقدمها على البشر، بل تدوس عليهم لأجلها، والأعظم أنها تخون كل من يختلف معها حتى لو كان رجل دين من نفس المذهب. والله قمة العيب.
هذا الترهيب حصل خلال مقاطعة الانتخابات في 2002 وتم استهداف شخصيات لم تلتزم بالأوامر المفروضة من جمعية الولي الفقيه، وعادت الممارسات لتأخذ حيزاً حتى في انتخابات 2006 التي شاركت فيها الوفاق لتطال منافسيهم في الجمعيات الأخرى وبغض النظر عن مذهبهم وعن تاريخهم السابق في التضامن مع الوفاق، واسألوا رؤساء جمعيات المنبر الديمقراطي والتجمع كيف مورس بحقهم التسقيط وكيف طال ناخبيهم الترويع. العملية لم تتوقف بل استمرت في الانتخابات التكميلية في 2011، وها هي تعود لتطل بوجهها القبيح اليوم.
الوفاق قالت بأنها ستصفر الصناديق، وهاهي اليوم تواصل التحريض الذي ينتج عنه العنف واستهداف المترشحين الشيعة بالذات. هي لا تتجرأ على إدانة ذلك إلا بسطور خجولة ومن أجل الغرب فقط، إذ ما يحصل يخدمها أصلاً ولولا الخوف من سقوط كامل أوراق التوت عن أكاذيبها وإدعاءاتها لقام أفرادها بأنفسهم بحرق المترشحين بعوائلهم وأملاكهم، تكفي تغريدات «التهديد» التي صدرت عن خادم الولي الفقيه.
تحرك الجهات المعنية مطلوب، وحماية المرشحين أمر إيجابي، لكن ما يقدم للناس من معلومات لا يجب أن يقتصر على نشر المعلومة فقط، بل يجب أن يتم العمل على بيان هذه الحقائق للمجتمع الدولي بنفسه، لابد وأن يصل للعالم تحريض الوفاق وإرهاب أتباعها، ومباركتهم للإرهاب ودعمه بالتحريض.
شخصياً أرى أنه على وزارة الخارجية القيام بخطوة ملحة اليوم، لابد وأن يعقد مؤتمر صحافي يضم كل سفراء الدول الشقيقة والصديقة ويتم عرض كافة التفاصيل المتعلقة برفض المشاركة في الانتخابات من قبل الجمعيات الانقلابية، وتغريدات التهديد التي استهدفت حرية عضو الوفاق بونبيل، تضاف إليها دعوات تصفير الصناديق وفرض ذلك على الناس بالقوة، وتفصيل كل حادثة حرق وترويع مدعمة بالصور والحقائق وتصريحات أصحابها، والتوضيح بأن كل من تم استهدافه هو من الإخوة في المذهب الشيعي الكريم، وأن الوفاق يكشف زيفها هذا الشيء فتدعو لقمع هذه الأصوات الحرة التي اختارت بناء الوطن عبر مؤسساته التشريعية.
حتى لو أدانت الوفاق ما يحصل، فإن هذا لا يخلي مسؤوليتها عن التحريض الصريح والواضح، لا يخلي طرفها من محاولة ترهيب الناس وبالأخص شارعها حتى لا يتمرد عليها ويذهب ليمارس حقه المكفول دستورياً.
افضحوا هذه الجمعية المدعية زيفاً بأنها تريد الديمقراطية وتدافع عن حرية الآخرين. ممارسات طائفية عنصرية لها كل الشواهد والدلائل، لابد للناس أن تعرف حقيقتهم، ولابد للغرب أن يفهم كيف تم خداعه.
وإن كانت الخارجية ستتفاعل مع هذا الرأي، رجاء اجعلوا كرسي السفير الأمريكي في أول الصف حتى يرى أفعال الجمعية التي «يتغبق» لديها في رمضان، والتي يستضيف عناصره في بيتها، ويسعى لتجنيد من يخدم أجندته من شبابهم، وطبعاً نشك بأنه لا يعرف.
وأخيراً نقول، إن لم تطبقوا القانون فلن يحل الإشكال مؤتمر صحافي هنا، ولا بيانات هناك.