أخيراً اكتمل عقد مجلس النواب ومجلس الشورى ومجلس الوزراء، ولوحظ وجود تغييرات في الوجوه أبرزها حصول الشباب على فرص في المجالس الثلاثة، ما يعني باختصار أن الدولة اعتمدت توجهاً ملخصه دمج حيوية الشباب بخبرة الكبار، ليتعلم الشباب من الكبار الذين مروا بالكثير من التجارب واكتسبوا الكثير من الخبرات، وليستفيد الكبار من روح الشباب وحماسهم وحيويتهم وجرأتهم في التفكير وفي اتخاذ القرار، ويصب هؤلاء وهؤلاء ما يمتلكونه من قدرات في الارتقاء بالوطن والمواطن.
نحن إذاً أمام سلطتين تشريعية وتنفيذية مطعمـــة بالخبـــرة والتجربـــة وبالحيويـــة والحماس والكفاءة، ما يبشر بعطاء مختلف تحتاجه المرحلة الجديدة التي بشرت بها القيادة وتدخل ضمن المرحلة الثانية من المشروع الإصلاحي لجلالة الملك والتي أساسها التنمية والنهضة.
وكما هو واضح ستهتم الدولة في المرحلة الجديـــدة بالأمـــن والاستقـــرار الداخلـــي، وبالأمن والاستقرار في المحيط، فمن دون هذا وذاك لا يمكن أن يحدث تطوير ولا تقدم. لا اقتصاد ولا تنمية ولا نهضة مع غياب الاستقرار الداخلي والاستقرار في المحيــط. هــذا يعنـي أنه صار على الدولــة و«المعارضة» أن يعملا معاً لتحقيق هذا الأمر، فكما أن هذا من مسؤولية الدولة، فهو كذلك من مسؤولية «المعارضة» التــي تستطيع بطريقة أو بأخرى أن تؤثر على حالة الاستقرار والأمن وتعرقل التنمية لو أنها استمرت في نهجها الحالي الذي يفتقد النظرة المستقبلية ولا يضع ما يجري في الإقليم في الاعتبار.
هذا يعني باختصار أنه صار لزاماً على الطرفين أن يعودا سريعاً إلى طاولة الحوار الذي ينبغي أن يكون هذه المرة مختلفاً وتقدم فيه الكثير من التنازلات الصعبة، ذلك أن كل المكاسب التي يمكن أن يحققها هذا الطرف أو ذاك قابلة للضياع بسبب ما يدور قريباً من دارنا وما نراه من ممارسات إرهابية مقيتة، أي أن على الجميع أن يتجاوز ما حدث ويعمل من منطلق أن الانشغال بالمشاكل الداخلية والإصرار على الرأي والموقف نتيجته تعرض البلاد لكثير من الأذى وتضرر الاقتصاد وتعطل التنمية وتأثر التطوير والتقدم.
«المعارضة» العاقلة هي تلك التي لا تغلب مصلحتها على مصلحة الوطن، فتؤجل ما يستوجب تأجيله من ملفات حتى تمر العاصفة، فليس معقولاً أن تشغل الدولة بما يتيح الفرصة لمن لا يريد الخير للبلاد ليطل برأسه وينقل ما يحدث في الخارج إلى الداخل. والدولة الحريصة على إنجاح خططها وبرامجها التنموية وترنو للمستقبل تتجاوز عن أخطاء «المعارضة» وتزيد من مساحة التسامح كي لا تنشغل بخلافات الداخل عن مآرب الخارج وما يجري في المنطقة من تطورات إن استمرت أكلت الأخضر واليابس.
التطورات التي تحدث في المنطقة تستوجب من الجميع تجميد كل الخلافات والاختلافات والتفرغ للبناء والتنمية. هذا لا يعني سكوت كل طرف عن حقه، وكما أن لـ «المعارضة» حقوقاً فإن للدولة أيضاً حقوقاً، حيث التجميد يعني التأجيل إلى حيث تتهيأ الظروف التي إن انشغلنا بمحاسبة بعضنا البعض فيها لا تتعرض بلادنا إلى أي مخاطر.
اليوم هناك الكثير من المخاطر التي علينا أن نتعاون على حماية الوطن منها، ويكفي النظر في ما يجري في العراق وفي سوريا ومعرفة تأثير كل ذلك على المنطقة. إن انشغالنا عما يجري هناك وانشغالنا بما كنا نعتبره أولوية من ملفات داخلية يعيق كل نظرة مستقبلية ويؤثر سلباً على هذه الانطلاقة التي بدأت ولا بد أن تنجح.
الأمل معقود على السلطتين التشريعية والتنفيذية الجديدتين والزاخرتين بالخبرات والكفاءات وبالتطلعات، والرسالة هي تلك التي لخصها رئيس الوزراء صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة بقوله «حان وقت التنمية والاقتصاد وكفانا تشبعاً بالانشغال بالسياسة».