كما أن أمام النواب الجدد مجموعة من الملفات المثقلة بالهموم، والتي لم تناقش ولم تحل في الدورات البرلمانية السابقة، كذلك وفي خط متواز يحمل البلديون مجموعة لا بأس بها من الملفات الخدمية العالقة والساخنة، والتي تحتاج أيضاً لمزيد من العمل الجاد والواضح خلال الأعوام الأربعة القادمة.
ربما يركز ويترقب المراقبون والإعلاميون وحتى الجمهور ما يمكن للنواب الجدد أن يقدموه للشعب في هذه المرحلة، خصوصاً أنهم في وجه المدفع، وذلك بما يحملونه من ملفات ثقيلة على عاتقهم. هذا الأمر أبعد الكثير من الأنظار عن إمكانية ما قد يقدمه البلديون من أداء وعطاء في المرحلة القادمة، ولذا سيكون الضغط عليهم في الوقت الراهن أخف وطأة من النواب، لكن مع مرور الأيام سيكون للبلديين قسط كبير من انتقاد الجمهور لو لم «يشتغلوها صح» أو في حال تهاونوا في أداء مهامهم، خصوصاً أن الخدمات التي يقدمونها للجمهور هي خدمات ملموسة ومحسوسة بوضوح أكثر من التشريعات الممكن للنواب أن يشرعوها في المجلس، لأنها قضايا معيشة بشكل يومي وتلامس حياتهم العملية، مما ستشكل عامل ضغط في وقت الشدائد.
لعل من أبرز الملفات التي يمكن أن تواجه البلديين كتحد صارخ هي القضايا الحياتية اليومية كما ذكرنا، ومن أجل الاقتراب من فهم الفكرة يجب علينا أن نعرف بداية ما هي وظيفة العضو البلدي.
تتمثل مهمة العضو البلدي في «إدارة وتطوير الخدمات والمرافق العامة ذات الطابع المحلي، وتقديم الخدمات الرئيسية مثل اقتراح إنشاء وتحسين الطرق ووضع الأنظمة المتعلقة بإشغالاتها، وتجميل وتنظيف الشوارع والميادين والأماكن العامة والشواطئ. اقتراح الأنظمة الخاصة بالصحة العامة بما يكفل الراحة للمواطن ويعطى وجهاً مشرقاً للدولة، والعمل على حماية البيئة من التلوث. إضافة إلى اقتراح المشروعات ذات الطابع المحلي التي تدخل في نطاق دائرته، كتلك المتعلقة بالمياه والطرق والمتنزهات والصرف الصحي والإنارة وإقامة المدارس والمساكن والمراكز الصحية ومواقف السيارات وغيرها من المنافع والخدمات العامة. ووضع النظم الخاصة بالإعلانات الدعائية واقتراح الرسوم المتعلقة بها. ووضع النظم الخاصة بإنشاء الأسواق والمسالخ ومدافن النفايات والتخلص منها، ووضع الأنظمة الخاصة بالمحال العامة والتجارية والصناعية والمحال الخطرة والمقلقة للراحة. فضلاً عن تقرير المنفعة العامة في مجال المشاريع البلدية وفقاً للأوضاع التي يقررها قانون استملاك الأراضي للمنفعة العامة. مناقشة وإقرار مشروع ميزانية البلدية للسنة المالية الجديدة والحساب الختامي للسنة المالية».
كذلك من مهام المجالس البلدية هو «تلقى شكاوى المواطنين والتنسيق مع الجهات الحكومية المختلفة من أجل العمل على حل هذه المشكلات إضافة إلى متابعة أداء هذه الجهات من أجل التأكد من قيامها بالمهام المكلفة بها في الشق البلدي».
حين نقرأ المجالات والتخصصات التي تخص الأعضاء من البلديين نستطيع الجزم بأنهم أمام مسؤولية لا تقل شأناً عن دور المجلس النيابي، بل ربما في بعض الأمور تكون أمام المجالس البلدية رسالة يومية تتعلق بمعيشة الجمهور ورفاهيته أكثر حرجاً من مسؤولية النواب، ومن هنا يجب على البلديين أن يحفظوا دورهم عن ظهر قلب، وأن يلبوا احتياجات الناس حسب الإمكانيات المتاحة لهم بعيداً عن التقاعس أو التخاذل أو النوم العميق، فالجمهور لن يرحمهم في حال أغلقوا هواتفهم، فضلاً عن غيابهم الكلي عن الدور الذي تم اختيارهم من أجله.