تتوالى الجهود الدولية المؤيدة للمبادرة الفرنسية من أجل تشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب لمواجهة تنظيم داعش المتمدد أخطبوطياً من الشام العربي وحتى العراق إلى حدود دول مجلس التعاون الخليجي.
من الواضح أن هناك تأييداً دولياً عاماً لهذا التحالف الذي يمكن أن تقوده هذه المرة باريس وليس واشنطن. ولكن التساؤلات مازالت قائمة بشأن السيناريوهات المتاحة لهذا التحالف؛ فهل سيقوم بضربات عسكرية في العراق وسوريا لمواجهة داعش؟ وهل ستكون هناك مواجهات عسكرية برية لمحاربة هذه الجماعة الإرهابية؟ وما هي السيناريوهات الأبرز لمرحلة ما بعد داعش؟ فما نعرفه أن داعش جاءت من رحم تنظيم القاعدة بعد تصفية قائده أسامة بن لادن في 2011، وصارت دول المنطقة أمام إرهاب داعش بعد أن كانت في مواجهة مع إرهاب القاعدة، فهل سيظهر لنا تنظيم إرهابي جديد؟
العالم شهد حملة دولية في العام 2001 لمواجهة الإرهاب بقيادة واشنطن، وكانت حملة مكلفة، ومن الواضح أنها لم تنته بإنهاء الجماعات الإرهابية، وسبب ذلك أن الحملة استهدفت تصفية الجماعات وكوادرها، ولم تستهدف اجتثاث الفكر، أو تجفيف مصادر تمويله.
الوضع مشابه تماماً لجماعات ولاية الفقيه المتطرفة المنتشرة في مجتمعات دول الخليج العربية، حيث تتم مواجهتها علنياً بأساليب مختلفة، ولكن لا يتم استهداف فكر هذه الجماعات المتطرفة أو حتى مصادر تمويلها التي تعتمد فيها على المال السياسي - الديني. ولذلك لم ينته تطرف هذه الجماعات أو تتوقف أنشطتها الإرهابية، بل مازالت خلاياها النائمة واليقظة نشطة في دول المنطقة تعمل على تقويض الأمن، وتحقيق مشروع استبدال الدولة بأجندة إيرانية صرفة.
نؤيد الحملة الدولية لمواجهة إرهاب داعش، وهو التأييد الذي أعلنه جلالة الملك في الأليزيه قبل يومين، ولكننا نتطلع لأن تكون الحملة المقبلة مختلفة تماماً عن الحملة التي دشنتها واشنطن قبل أكثر من عقد لمواجهة القاعدة، حيث مازال العالم يعتقد أنها كانت مكلفة للغاية، ولم تحقق أهدافها بعد، بل مازال العالم يعاني من الفوضى وعدم الاستقرار أكثر من أي وقت مضى.
من الفروقات الرئيسة في الحملة الأمريكية السابقة، والفرنسية الحالية هي التنظيم المستهدف، ففي السابق كان مركز الاستهداف أفغانستان، وهي منطقة بعيدة نسبياً عن الخليج العربي، أما الآن فإن الحملة تستهدف تنظيماً إرهابياً موجوداً في جوار دول الخليج العربي، ومن المتوقع أن تكون هناك كلفة ستدفعها دول الخليج إذا تمت المواجهة مع داعش بشكل مباشر أو غير مباشر، فهل لدينا استعداد لمثل هذه الكلفة؟!