دروس يومية في «فن التضليل» تقدمها لنا جريدة جماعة الولي الفقيه، إنها ماكينة تنتج حبوباً تعمل بلا كلل في إنتاج توصيفات خاصة بها للأشخاص وللحالات وللممارسات، تضلل بها الخارج ولها مفعول مخدر «للمشتري» المحلي كي يبقي داخل فقاعته وعالمه الافتراضي مضللاً عن الواقع وما يجري على الأرض خارج فقاعته، فإن شعر أن الاتحاد الخليجي ممكن أن يفزع رفاقه طمأنهم بأنه بعيد فالأزمة لم تنفرج، وإن شعر أن الحوثيين يمنحونه أملاً ونجحوا في ابتزازهم للسلطات اليمينة نشر صورتهم على الصفحة الأولى، فذلك يبقي جمهوره داخل الفقاعة يحلمون «بإنجاز» مماثل ويهدد بالصورة السلطات البحرينية، وحين تنشر وكالات الأنباء ملايين اليمنيين الذي خرجوا يرفضون التمرد الحوثي أخفى صورتهم التي تسد عين الشمس في الداخل أو لم ينشرها، حتى لا يصدم جمهوره المخدر النائم في عالمه الافتراضي!!
آخر ما أنتجته هذه الماكينة في كبسولتها اليومية أن الهدف من وراء تطبيق السلطة في البحرين للقوانين والإجراءات هو «الإذلال»!!
فداخل فقاعة العالم الافتراضي، الطلبة يدرسون منهجاً يعلمهم أن كل السلطات في جميع دول العالم تهدف إلى حفظ حقوق الناس، وسلامتهم حين تطبق القوانين إلا سلطة البحرين، فهي الوحيدة التي تطبق القانون بهدف «إذلال» المواطنين، وطبعاً تكملة العبارة للمغيبين والمخدرين داخل هذه الفقاعة «هيهات من الذلة».
الثقافة الحقوقية داخل هذه الفقاعة ثقافة فريدة من نوعها تستخدم كمخدر وموجه ومحرض، ثقافة تعتمد على معلومات غير واقعية مغلوطة ثم تعتمد على توصيفات محددة تدفع إلى سلوك محدد، فسكان تلك الفقاعة يظنون حقاً كما علمتهم مدرستهم أن السلطات البحرينية وحدها من تسحب الجنسية ووحدها من يقبض على من يفجر ويفخخ ويحرق ويخرب، أما باقي السلطات في بقية الدول فتمنحهم الورود والمكافآت، وحدها السلطات البحرين تقبض عليهم وتحاكمهم وتودعهم السجون بغرض إذلالهم وتحقيرهم واضطهادهم وظلمهم.
وداخل هذه الفقاعة فإن السبب الذي يقف وراء تطبيق السلطات للقوانين على جماعة الولي الفقيه تحديداً حتى أن الشرطة والمحاكم ما وجدت إلا لهذه الجماعة، هو أن هذه الجماعة شاطرة نجحت في «إحراج» السلطات، وليس خطؤها أنها تسوق اتهامات بلا أدلة وأرقام غير حقيقة، فدرس اليوم هو باختصار أن كل ما تروجه هذه الجماعة في الخارج صحيح مائة في المائة و«يحرج» السلطات فتقوم بإذلالهم!!!
إنها ماكينة «النفيش» التضليلي تزود سكان الفقاعة بهذا المخدر يومياً على شكل مقالات وصور ومصطلحات وعناوين، تجعله يقف طوابير ينتظر المزيد بعد أن أدمن عليها ومنعته مرجعياته من تناول غيرها، يتناول جرعته اليومية ويذهب مسطولاً إلى فراشه لاعناً السلطات التي تريد إذلاله حين تطبق القوانين مسبحاً بحمد قياداته التي نجحت في «إحراج» هذه السلطات الظالمة.
أما أجمل ما في هذه المدرسة أنها بعد أن انتهت من بيع حبوب التخدير والتضليل وبعد أن استفزت الطرف الآخر واتهمته بإذلال الناس وبعد أن هنأت جماعتها ضمنياً لنجاحها في فضح السلطة، وبعد أن أقنعت من خالف القانون وأضر بالدولة وبسلامة الآخرين وحقوقهم، أنهم لم يرتكبوا ما يستحق بأن يطبق القوانين عليهم إنما هي السلطة تريد إذلالهم، ختمت بدعوة الطرفين إلى الوصول إلى حلول وسطية تفرح كل البحرينيين فتجتمع كلمتهم، فلتقلل السلطات من إجراءات تطبيق القانون يعني تذل الناس إنما «نص ونص» وتقلل الجماعة من شجاعتها وجرعة إحراج السلطات فتروج بعض الاتهامات وتسكت عن بعضها، حتى يصل الاثنان لمنتصف الطريق ويحل السلام والأمن على البحرين.
تشعر أنك تتابع أخبار عالم آخر له قوانينه الخاصة، ومفهومه للحق والباطل خاص به ومعرفته بالمسلمات محدودة، عالم بريء ساذج يا أخي .. تود أحياناً أن ترسم هالة القديسين على صورة مدير المدرسة من شدة تأثرك.