لن أقول بأن البحرين خسرت جهود رجل بقامة وطنية رفيعة، فالحمد لله الشيخ الفاضل خليفة الظهراني بصحته موجود بين ظهرانينا وأمد الله في عمره، لكن سأقول بأن البرلمان سيفتقد وجود أحد أقدم أعضاء المجلس الوطني الأول في البحرين عام 1973.
بومحمد رئيس المجلس النيابي لثلاثة فصول تشريعية لم يترشح هذه المرة، وكثيرون يعرفون بما مر عليه طوال هذه السنوات من أمور داخل المجلس تسببت له كثيراً بعوارض صحية ووعكات من الله عليه يومها بالشفاء.
لا يحتاج هذا الرجل الطيب إلى المديح أو تعديد المناقب، فمن يعرف خليفة الظهراني يعرف هذه الأمور تماماً، حتى من يختلف معه لا يملك إلا أن يحترمه ويقدره، ولسان كثير من الناس يقول يكفي الظهراني أنه لم يدخل مجلس النواب طامعاً في مكاسب مالية أو برستيج المنصب أو أي شيء مادي آخر، فالرجل أنعم الله عليه بالخير منذ عقود نظير عمله وجهوده، وأفعال الخير العديدة سواء ما خفي منها أو ظهر باركت له في تجارته، وعليه، حينما يكون الإنسان قانعاً والأهم يكون شخصاً يخاف ربه في مكسبه ومطعمه يكون رجلاً قويماً يحظى بثقة الناس ومحبتهم.
حكمة الظهراني وخبرته وتعامله الأبوي حتى مع النواب أنفسهم كانت سبباً في منحه الثقة في كثير من الأمور الهامة في البلد، وعلى رأسها كان ترؤسه لحوار التوافق الوطني كشخصية وطنية يركز عطاؤها وعملها على مصلحة البلد أولاً وأخيراً.
لا تحضرني عديد من مقترحات الظهراني والمشاريع التي تقدم بها كون رئاسة المجلس بحد ذاتها مسألة معقدة وصعبة، خاصة في ظل وجود بعض النواب المشاغبين والمزعجين ومفتعلي «الشو» ومحترفي الصراخ، لكن يحسب للرجل مقترحه المعني بصندوق احتياطي الأجيال وهو الذي ركز من خلاله على المستقبل وقدمه على اعتبار أن التخطيط للأيام القادمة والأجيال القادمة أمر ضروري وحتمي.
هذا المقترح الذي طبق، هذا الصندوق الذي بدأت تزيد مداخله نتمنى أن تكون الاستفادة منه بالصورة الصحيحة وأن يوجه بالفعل لخدمة الأجيال القادمة في ظل ما يمكن استشرافه من كون المستقبل أكثر صعوبة وتعقيداً. وهنا سنقول رجاء لا تضيعوا الهدف الأساس من مقترح الظهراني والموضوع الذي تحقق، بالبحريني لا تقبلوا بأن ينظر أي مسؤول لاحتياطي الصندوق كحل لأي معضلة مالية في أي قطاع، أو ينظر إليه على أنه مخزون مالي يمكن الاستفادة منه ثم إعادته، لأن مجرد التفكير في ذلك يعني بأن الأموال ستخرج لكنها من الصعوبة أن تعود.
عرفنا عن بومحمد أصالته وكرم أخلاقه وسمو تعامله وفرض الاحترام على الآخرين، حتى المعارضة حينما كانت في البرلمان كانت تضع لخليفة الظهراني مكانة واحتراماً واضحين، الرجل كان مثالاً لصاحب الخبرة الحكيم في قراراته والرصين في أفعاله.
شخصياً أحببت أن أخصص سطور اليوم لاستذكار دور هذا الرجل، وتسجيل كلمة للتاريخ نتذكر فيها من خدموا البلد حباً فيها لا طمعاً فيها. وطبعاً لكل إنسان أخطائه وهفواته فسبحان الله وحده الذي لا يخطئ، لكن حينما يحب الله عبداً كتب له القبول في الأرض فأحبه الناس، ونحسب خليفة الظهراني من هؤلاء الناس الذين كسبوا حب واحترام شريحة كبيرة من الناس.
شكراً يا بومحمد على كل الجهود وعلى هذا العمل الطويل في خدمة البحرين، من يقدر هذا العطاء من الصعب أن ينسى أصحابه حتى لو تركوا الساحة وأعلنوا أنه حان وقت الترجل.
أطال الله بعمر رئيس البرلمان الرجل الفاضل، وأعان من سيجلس على الكرسي خليفة له، فالتركة جداً ثقيلة.