في الوقت الذي توالت على البحرين بيانات الإشادة بالدعوة للانتخابات من الدول الأوروبية منفردة ومن الاتحاد الأوربي مجتمعاً وأتتها الإشادة من الشرق والغرب حتى من الأمم المتحدة، وقفت الولايات المتحدة الأمريكية موقفاً مريباً تمثل بالصمت دون تعليق!!
و ليس هناك تفسير لهذا الصمت ووزارة خارجيتها لا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وعلقت عليها حتى على حراك أصغر نملة في البحرين ما تركته دون تصريح، إلا أنها جاءت عند أهم استحقاق سياسي وصمتت، وليس هناك تفسير سوى أنها تريد أن تمنح فرصة للمقاطعة حتى تعرف حقيقة وحجم تمثيلها، ترغب في أن تمنح فرصة لعيسى قاسم والوفاق لإفشال هذه الانتخابات حتى إذا ما تصفرت الصناديق أوكانت نسبة المشاركة قليلة فتحت مظلة الرعاية السياسية لهذه الجماعة من جديد فتعود للضغط على النظام بحجة أن الغالبية ترفض هذه التعديلات الدستورية وعليه لابد من دستور (برايمري) نسبة إلى الدستور الذي صوت عليه العراقيون في عهد حكم برايمر.
إن إشادتها الآن قبل أن يتضح الموقف ووضوح حجم المقاطعة قد يغلق عليها باب التدخل فيما بعد والضغط، لذا فإن الوفاق ترمي بكامل ثقلها لإفشال الانتخابات وتصفير الصناديق، فحين فشلت دعوة المقاطعة التي أطلقها قادة الجمعية ورأت أن أعداد من ترشح من المحافظة الشمالية والعاصمة فاق أعداد المترشحين في انتخابات 2010 اضطرت أن تستعين بالفتوى الدينية من قاسم فظهر هذا الشيخ وقال إن هذه الانتخابات هي إبادة للشعب!!
لتنشط الماكينة الإعلامية فتظهر فتاوى حكم الإعانة على الظلم وفتاوى شق الصف وكل ما في جعبة التراث الديني الشيعي أخرج ليوظف في تصوير المرشحين على أنهم مرتزقة يقتاتون على دم الشهداء ويعينون الظالم على ظلم الطائفة الشيعية، وبعد أن استفزت فتاواهم وخطاباتهم الدينية والسياسية مشاعر المعتدلين والمتطرفين معاً، اشتعلت الحرائق في بيوت المرشحين ولم يبدر أي تعليق من الخارجية الأمريكية.
نحن أمام نسخة ثانية متطابقة مطابقة حرفية للشراكة بين حزب الدعوة العراقي وحزب الدعوة البحريني مع الولايات المتحدة الأمريكية، تطابق حتى في مساعدة هذا الحزب على الاستحواذ و رفض المشاركة مع الآخرين، فغضت الطرف وتغاضت عن استحواذ هذا الحزب على جميع السلطات وإقصائه بقية الأطراف غضت الطرف عن ارتهانه للمرجعيات الدينية، حتى إذا ما شاع التذمر وبدأ الإرهاب والعنف بالانتشار تغاضت من جديد على نشره المليشيات الطائفية التي أدت إلى ما أدت إليه من حروب وفتن ودولة ضعيفة تحولت فيها دولة العراق إلى بقرة حلوب تسخر معظم مواردها لتسليح الجيش و لمحاربة الإرهاب الذي يستنزف الميزانية العراقية إلى آخر برميل نفط.
واليوم تغمض الولايات المتحدة الأمريكية عينها عما يمارسه هذا الحزب ومرجعياته الدينية وتدعي الانشغال وعدم ملاحظة هذا العنف والإرهاب الذي يمارسه هذا الحزب في البحرين.
إن سكوت الولايات المتحدة عن الإشادة بالانتخابات كما فعلت غيرها من دول العالم و تغاضيها عن الفتاوى الدينية من حزب يدعي الدعوة لإقامة دولة مدنية وسكوتها عن العنف والإرهاب الذي يمارس تحت غطاء هذه الفتاوى هو سكوت بانتظار تصفير الصناديق أو نسبة المشاركة الضئيلة التي تمنحه مبرراً للتدخل، فليتذكر كل بحريني الشيعي قبل السني الذي يفكر مجرد التفكير بعدم المشاركة أن يضع النسخة العراقية أمام ناظريه بكل تداعياتها الأخيرة التي هجرت من شيعة العراق مثلما هجرت سنتهم والشعب العراقي يدفع ثمن تحالف حزب الدعوة الإسلامي مع الولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما يراد للشعب البحريني أن يجنيه.