أن يقول لك رأس الدولة وعلى مسمع من حضور كريم كالذي حضر لقائي بجلالة الملك حفظه الله أول أمس «إنني أبدأ يومي بقراءة مقالتك يومياً وأستفيد منها» فتلك مسؤولية وأمانة كبيرة تخيفني بقدر ما تفرحني، وقبل أن تكون شهادة اعتزاز وتقدير وتكريم كبير.
ثم يؤكد جلالته بأنه يرحب بالنقد ترحيب المنتقد لنفسه والمحاسب لنفسه والمقيم الموضوعي لأدائه ويدعو لعدم التوقف عن النقد حين تكون هناك حاجة له ويقدر الكتاب أن المصالحة العامة تقتضي إيصال هذا الرأي الناقد والمخالف والمعترض، فلا يجب منعه أو حجبه أو تقييده، بل يجب على المسؤول أن يستمع له فذلك (شور) ورأي يستفاد منه في إعادة تقييم الأمور.
إن المكانة التي وصلت لها «الكلمة» في عهد جلالته تمثلت في العديد من المواقف التي انتصر فيها جلالته لحقها في أن تتحرر وتقال وتعلن وبكل الوسائل المتاحة، وألا تحجب ولا تمنع ولا تقيد، تلك مكانة لا يعليها بهذا القدر إلا قائد ذو رؤية بعيدة يعرف أننا في زمن تعقدت فيه الظروف ويحتاج فيها صاحب القرار أن يسمع «الكلمة» حتى وإن كانت على غير ما يرى ويعتقد ويحب ويسعد، فهذا الاختلاف يضيء جوانب تعينه على اتخاذ القرار السليم.
أصبحت «الكلمة» اليوم مصدراً من المصادر ورافداً من الروافد التي يحتاجها صانع القرار، وكم من قرار تم اتخاذه كان للكلمة المكتوبة دور رئيس وعامود فقري في تكوين أسس ذلك القرار ودوافعه.
لهذا جاء كتاب كلمة أخيرة الذي أهديته لجلالة الملك جامعاً «لكلمة» قيلت في الأزمة الأخيرة التي جرح بها وطني، فكانت رأيي الخاص حول مجريات أحداثها، كتبته في مقالات صحافية ووثقته في كتاب أهديته بالأمس لجلالته ومعها عبارة تلخصها فحواها « لن ننسى»، جاء هذا الكتاب كي لا ننسى ما حدث، كي نتعلم من أخطائنا من غفلتنا من بساطتنا التي كانت في غير مكانها، كي نستفيد، كي تستفيد الأجيال القادمة من أخطاء آبائها وتتعلم.
كتاب خصصت ريع بيعه لأسر شهداء الواجب الذين يجب ألا ننساهم ولا ننسى جميلهم ولا ننسى أسرهم فدماؤهم الطاهرة وراء ما ننعم به من أمن الآن، فإن كنت لا أملك سوى الكلمة وذلك القدر اليسير الذي لا يذكر قدمته لصندوق دعم أسر شهداء الواجب، فإن أهل البحرين كانوا أكرم مني حين اشتروا هذا الكتاب ونفذت منه الطبعة الأولى، والثانية في الطريق ولله الحمد والمنة.
فشكراً جلالة الملك أن «للكلمة» هذه المكانة الرفيعة في عهدك، فتلك مكانة لا يرفعها ويعلي قدرها إلا رفيع الشأن وثاقب الرأي كجلالتك، ولك دوماً «الكلمة الأخيرة».