والله أحياناً نقع في حيرة؛ لماذا تستمر جروح البحرين تنزف بهذه الصورة؟! لماذا حينما نظن أننا طوينا صفحة نرى لها امتداداً بصفحات أخرى عديدة؟! ولماذا حين نوقن بأن القانون طبق على وضع يستوجب تطبيقه نراه يدخل في «حالة تجميد» أو «تمديد»؟!
مصيبتنا في البحرين أن جروح البلد لا يمكن لها أن تعالج وتطيب، ليس لأننا فقط لا نطبق العلاج المطلوب لها، بل لأننا نقبل بترك أنصال الخناجر حادة، نقبل بأن نراها ولا نحرك ساكناً، نقبل بأن تأخذ حيزاً لتمارس الطعن بدون أي رادع.
الآن فقط أوضحوا لنا المسألة، باعتبار أن الشعب البحريني لا يعرف في القانون وأحكام القضاء، ولا أقولها استهانة بأحد، بل لأننا طوال السنوات الثلاث الماضية وجدنا حالات تبعث على الاستغراب، حالات الإجراء فيها واضح وله أرضيته القانونية لكن لا يطبق على أصوله، وجدنا حالات تغاضٍ، وحالات تسامح، وفرصاً تقدم، وتعاملاً بأسلوب «كأنك لم تسمع».
ليست هذه حال دولة تقول إنها دولة مؤسسات وقانون، وليست هذه حال دولة تقول إن الجميع متساوٍ في الحقوق والواجبات، وأن من أخطأ يعاقب بما تنص عليه اللوائح والقوانين.
قبل أعوام خرجت الوفاق إعلامياً لتتفاخر بأن عدد أعضائها يقارب زهاء السبعين ألفاً، ووقعت عرائض وأوراق تستعرض هذه الأعداد، لكن حينما عقدت جمعياتها العمومية بان الزيف والإدعاء، إذ كم هو النصاب القانوني لجمعية تقول إن أعضاءها يصل إلى السبعين ألفاً؟!
الوفاق لم تنجح في جمع خمسة آلاف في جمعياتها العمومية، العدد المشارك أقل من ذلك بقليل، ما يعني خللاً واضحاً وصريحاً في النظام وما ينص عليه قانون الجمعيات، فماذا كانت الإجراءات «حينها» من قبل الجهات المعنية؟! ووضعنا لكم حينها بين قوسين، لأن الخطأ لا يجب السكوت عليه، يجب أن يعالج في وقته، والانتظار عليه واتخاذ الإجراءات بعد فترة طويلة يقلب الحق إلى حق مشكوك في دوافعه. نعم نلوم من يطبق القانون، نلومهم لأننا لا نرى إجراءات سريعة وحاسمة. بريطانيا فعلتها في أحداث شغب لندن وأنتم تعرفون، إذ ألم يجعلوا القضاء يعمل على مدار الساعة لحسم الأمور واتخاذ أحكام في القضايا بحق المخربين؟! هذا مثال.
اليوم حينما يصدر حكم قضائي بشأن الوفاق وهي متهمة بالخطأ بحسب الأدلة والإثباتات، لم نجد هذه الأحكام لا تتطبق من فورها، لم هذه المساحة الدائمة من المرونة التي تمنح لهذه الجمعية الإنقلابية؟!
أتذكرون جلسة المجلس الوطني قبل سنتين هل طبقت كل التوصيات؟! طبعاً لا، إذ حتى اليوم ثلاث توصيات محورية وهامة بشأن التحريض والإرهاب لم يتم تطبيقها، نقولها بملء الفم لم يتم تطبيقها ولو تم خلاف ما نقول لما وجدنا ممثل المرشد الإيراني يقف كل جمعة ليحرض على البلد ويدعو إلى حرقه.
لو كان ما فعلوه في الدوار في دولة أخرى، لو كانت في أمريكا (تذكروا احتجاجات وول ستريت، ولا تنسوا جوانتانامو) أو بريطانيا (تذكروا شغب لندن) لما قامت للوفاق قائمة بعدها، لحوكموا بصرامة القانون، لكننا هنا منحناهم أكثر من فرصة، والدولة التي هي مانحة الفرص قوبلت بالجحود والنكران واستمر التحريض عليها. حتى اليوم كل الفرص التي قدمت لهم، وكل أطواق النجاة تعالوا عليها، وتحدي الدولة يستمر، ولغة التهديد والوعيد تزيد، والإرهاب معها يتعاظم.
للأسف، نكررها مرة أخرى، جروح هذا الوطن لن تلتئم طالما أنصال الخناجر لم تنكسر بعد. لن يتحرك الوطن إلى الأمام طالما أن بعضنا هو من يرمي طوق النجاة للمجرم والإرهابي والمحرض.