قد يوحي المغرضون أن عملية هجرة بعض العوائل البحرينية إلى دول خليجية بسبب من استحقوا الجنسية البحرينية، وهذا أمر غير صحيح البتة، فالعوائل البحرينية مع إخوانهم ممن اكتسبوا الجنسية جميعاً وقفوا في الفاتح جنباً إلى جنب، وجميعهم وقفوا عند دوار الساعة لصد الميليشيات التي كانت في طريقها لمهاجمة الديوان الملكي، هؤلاء الذين شد بعضهم رحاله إلى دولة خليجية شقيقة هم أبناء البحرين الذين -جميعاً من رضيعهم حتى كبيرهم- وقفوا في الفاتح، هم جميعاً عاشوا الضراء ولم يدر في خلدهم يوماً أن يخرجوا من البحرين، ولقد عاشوا أياماً مرة لم يركب أحد منهم سيارة ولا طائرة عندما كانت البحرين على حافة الخطر، بل عاد المسافر منهم واجتمعوا في الرفاع واجتمعوا في الفاتح واجتمعوا في ساحة الشرفاء، هؤلاء كانوا يبيتون في «بابكو» وفي المطار وفي محطة الكهرباء وجميع مرافق البحرين الحيوية، فهجـــروا بيوتهـــم وتوســـدوا «صبيـــات» المصانع وأرضيات المكاتب، ولكن بعد فشل المؤامرة وخروج البحرين من خطر كادت أن تصبح منه عراقاً آخر.. تغيرت الأحوال وتبدلت الأمور بعد توصيات بسيوني التي كافأت الانقلابيين وأعادتهم إلى أعمالهم بتعويضات مجزية، حصلوا على التعويض من مؤسسات الدولة وشركاتها، كما حصلوا على دعم لمؤسساتهم التجارية وخرج بعض التجار ليتلقوا الدعم من «تمكين»، وخرج من في الدوار ليحصل على زيادات ورتب ودورات في الخارج، وأصبح الانتقام والثأر ممن دافع عن الوطن في محنته. اسألوا العاملين في «بابكو» أين مصيرهم اليوم، واسألوا غيرهم في باقي الشركات.. إنها المكافآت وعودة المفصولين وتخفيف الأحكام، وبعده جاء الحوار الأول فالثاني والثالث الذي بدأ فيه البحرينيون يضعون أيديهم على قلوبهم.. ماذا ستقدم الدولة للانقلابيين، هل ستفتح لهم أبواب الجيش؟ هل سيعينون في موقع متقدم من السلطة؟ هل ستعطى لهم وزارات مهمة؟ وماذا سيكون مصيرهم؟ نحن أولئك الذين ضعنا بين جمعية وحدة وطنية مهلهلة احتلها متسلقون وأضاعوا معاناة الفاتح، وسياسة الدولة تجاه قادة الإرهاب.
إنه الخوف من المجهول، الذي نقول للدولة بأنه بدأ يدب في نفوس الفاتح، وذلك حين انعكس الحال وصار الانقلابيون هم من يسترضون، ولم يتغير شيء من الدولة تجاههم بل زادتهم، وها هم يعودون أقوى مما كانوا، عادوا لمستشفى السلمانية، وعادوا إلى التعليم، أولئك الذين قادوا المظاهرات، عادوا إلى الجامعات، عادوا إلى ممارسة التجارة بقوة أكبر وبدعم من مؤسسات الدولة، ولا ندري قيمة الدعم الذي حصلت عليه الشركات الكبرى التي يملكونها تحت باب التعويض.
كلها تراكمات وكلها تساؤلات ليس لها جـــواب، بل هو انتظار القادم بـــأن هنـــاك حواراً قادماً لا أحد يعلم مخرجاته ونتائجه، والتعايش مع إرهابيين يحكمون الشوارع عصراً وليلاً ويعودون إلى أماكن أعمالهم ومقاعد دراستهم نهاراً، وقادة إرهاب مطلق سراحهم، وزيادة عليه كل يوم يتم استضافة منظمات حقوقية تظل في البحرين أياماً وأسابيع وأشهراً وتستقبلها مؤسسات الدول، أي أن المسألة هي محاولة استرضاء.
شعب البحرين ليس كأي شعب فهو شعب مجاهد مقدام لا يخاف الموت، ولكنه يريد أن يعيش في ظل دولة حازمة تقطع يد الإرهابيين ولا تجعل لهم يداً على شرفاء الوطن الذين تتحسر قلوبهم وهم يشاهدون بعيونهم ذاك الانقلابي الذي هتف بإسقاط النظام، وإذا به تقدم له وظيفة مرموقة ويبتعث إلى أفضل الجامعات في العالم، ويكرم في عمله بعد عودته.
هناك أمور كثيرة حدثت لأبناء البحرين المخلصين في أعمالهم وفي أرزاقهم، والسبب عودة الانقلابيين إلى أعمالهم وباب الحوار الذي لايزال مفتوحاً.. إنها تراكمات بدءاً من تقرير بسيوني المجحف حتى الحوار الأخير، وليس مزاحمة من اكتسب الجنسية البحرينية.. إنهم إخواننا في البحرين وقفنا معهم ووقفوا معنا في الفاتح وفي الرفاع وفي البسيتين.
شعب البحرين الوفي
لا يمكن أن تكون أفضلية لعائلة على عائلة فجميع عوائل البحرين هم أبناء البحرين ويجب أن ننظر إليهم سواسية، وجميع العوائل أسر محترمة ومخلصة واليوم بات واجباً أن تحتضن الدولة الجميع، وأن يعاقب الانقلابيون ويطبق عليهم القانون دون استثناء كي يشعر المواطن بأن المستقبل في البحرين أكثر إشراقاً من أي دولة خليجية، فخير البحرين كثير عندما يستأصل الإرهاب وينفى قادة الإرهاب.