حتى وإن فشلت محاولات قادة دول الخليج في توثيق «الاتحاد الخليجي» إلا أن أحداً لايستطيــع أن ينكر حقيقة أن الاتحاد الخليجي قائم وفعال، وإن أواصر العرى والتواصل بين شعوب الخليج كفيلة بتحقيق هذا الاتحاد.
فمن منا لا يملك امتداداً وصلة نسب في معظم دول الخليج؟ ومن منا لا يشعر بانتمائه لهذا الخليج العربي؟ إن الخليج العربي موطن أكبر لجميع شعوب دول الخليج العربية، فعندما نسافر لأي قطر من أنحاء العالم نعرف أنفسنا ويعرفنا الآخرون بأننا «خليجيين».
ولست بصدد أن أكرر أن ديننا ولغتنا وعاداتنا وتاريخنا مشترك، بل أريد أن أؤكد على أن مستقبلنا مشترك أيضاً. فما يحدث في أي دولة من دول الخليج تتأثر به جميع شعوب الخليج العربية.
إن المشاعر الصادقة التي نحملها لبعضنا البعض كشعوب خليجية كفيلة ببناء مواثيق من الترابط والتماسك والوحدة. هذه المشاعر وحدها قادرة على صياغة أقوى وثيقة ميثاق للاتحاد.
وبعيداً عن الأعراف الدبلوماسية فإن شعوب الخليج متحدة اتحاداً حقيقياً، فرغم انتماء كل شعب لبلده إلا أن هناك انتماء أكبر نستشعره جميعاً وهو بأننا جزء لا يتجزأ من منظومة الخليج العربي. وما إعلان إنشاء جسر الملك حمد الموازي لجسر الملك فهد والذي يربط البحرين بالمملكة العربية السعودية إلا تجسيد حقيقي لهذا الاتحاد، فهذا الجسر الذي يعد حدثاً تاريخياً سوف يربط مملكة البحرين بالمملكة العربية السعودية ومنه إلى جميع دول الخليج الأخرى يعبر بشكل رائع عن فتح قنوات تواصل أكثر بين جميع الأشقاء بين دول الخليج.
إن الجسر الجديد سيكون أحد اللبنات الأساسية في الاتحاد الخليجي. وداعماً جديداً لطموحات شعوب دول مجلس التعاون وتوجهاتها نحو مزيد من الاندماج والتكامل والوحدة، وسيربط المشروع الدول الست من الكويت شمالاً وحتى مسقط جنوباً، وستخصص كل دولة من الدول الست مسارات المشروع في أراضيها، وستتولى تنفيذها وتهيئتها للربط مع بقية الدول. ويبلغ طول الخطوط الحديدية التي يزمع إنشاؤها نحو 2170 كيلومتراً، تبدأ من دولة الكويت، مروراً بالأراضي السعودية «الدمام» وقطر «الدوحة» والبحرين والإمارات «أبوظبي والعين»، وصولاً إلى سلطة عمان «صحار ثم مسقط».
إن الحجارة التي سيشيد بها هذا الجسر الجديد هي ليست حجارة عادية بل أنها مشبعة بروح المحبة والأخوة، ومن واجب جميع الشعوب الخليجية أن تساند قيام مثل هذه المشاريع وأن تتسابق من أجل تنفيذها من أجل تحقيق ترابط مع باقي الدول الخليجية الشقيقة.
كلي شغف أن أحضر حفل افتتاح هذا المنجز التاريخي، وأتطلع إلى سماع كلمات شعرية بهذه المناسبة تضاهي في شاعريتها ما قاله شاعر الخليج رحمه الله غازي القصيبي في افتتاح جسر الملك فهد عندما ألقى رائعته الشعرية:
ضرب من العشق لا درب من الحجر
هـــذا الـــذي طـــار بالواحـــات للجـــزر
سـاق الخيـام إلى الشطـآن فانزلقـت
عبــر الميــاه شراعــاً أبيــض الخفــر
كلي أمل أن أساهم بأي شكل من أنواع الدعم لأساهم في بناء هذا الجسر الذي سيسهل وصولي إلى باقي أنحاء الخليج ويزيد من ترابطنا ووحدتنا، وأعتقد بأن جميع الشعوب الخليجية تأمل بهذا الشيء، فلو حمل كل مواطن خليجي حجراً بجنب حجر أخيه لانتهينا من بناء هذا الجسر في أقرب وقت ممكن، فلنساهم بما نستطيع به لندعم هذا المشروع الذي يعزز من وحدتنا ومن تواصلنا.
إشارة:
أود أن أتوجه بالشكر الجزيل لوزارة الأشغال على اهتمامها بالموضوع الذي قمت بنشره في عمودي السابق بعنوان «حقك مقابل حقي»، وعلى الرغم من أنني قمت بإفادة إدارة العلاقات العامة بوزارة الأشغال أن المقاول الذي يعمل في المنطقة أفاد بأنه يتبع أحد الهيئات الحكومية الخدمية إلا أن الوزارة أصرت على التحقق من الأمر والمساعدة في حل الموضوع معتبرة أنها جهة الاختصاص في أي تلفيات تحصل للطرق.