بعون من الله وتوفيقه، انتفاضة الإرهابيين المدعومين والمتوكلين على الخارج قد ولت ودحرت. وقيـــادات الدول العربية مسكت بزمام الأمور وأفشلت جميع المخططات الطائفية والتدبيرية لزعزعة أمنها القومي. إن إيمانهم بالله العلي القدير والعقيدة الواحدة الراسخة كانت من أقوى الأسباب التي مكنت هذه الــدول من دحر المؤامرات التي خططت لها القوى الخارجية بالتآمر مع بعض الخونـة من الخلايا النائمــة.
لقــد حــان الوقت للم الشمل والتكاتف والتعاقد والتعاطف والمشاركة الفعالة وتحديد المصالح ومــد يد العون للبعض والدفاع عن المكتسبات ومساعدة الشقيق القوي للشقيق الأقــل قــوة. ورفــع رايــة الإسلام، دين العدالــة ودين السلام والمحبـة ودين حسن الجوار في كـل شبر من أراضيها. وإن ما يجــري الآن في بعــض الـدول العربيــة مــن مناقشـــات داخليـــة، كانـــت الأحــرى أن تجــد طريقهــا للحــل من خلال الجامعـة العربيــة، بـدل أن يستعان بقوى أجنبية تعشـق تدميـر بلادنــا للقضــاء علـى ديننـا ومكتسباتنــا لزيادة إنتاجهــا لتنعـم شعوبهـا بالرخــاء والرفاهيــة علـى حســاب جثـث أبرياء تتعفــن فـي الشوارع. الـدول العربيــة قادرة علـى حمايــة شواطئهــا وأراضيهــا مـن المغرب العربـــي إلــى الخليــج العربــي ومـــن العراق والشام إلــى بحــر العــرب. كمــــا تحمــي الدول الأوروبيــة والغربيــة أراضيهــــا شواطئهـــا. إن لــدى الدول العربية مقومـــات بشريــة وماليــة ونـفطيــة وبنيــة تحتيــة وأراضي شاسعــة خصبــة وميـــاه عذبـة ومناجـم ولو تضافـرت هــذه المقومــات لأصبحــت شعوبهــا تعيــش بنعيــم ومـن أقـوى دول العالـــم.
لقــد أشرفـت أن تخرج الدول العربية مـن أزمتهـا رغــم أن هنــاك بعـض الشيء من خلافات ممكن حلهــا في البيــت العربــي، كمــا حدثـــت فــي الآونة الأخـيـرة، في اليمـن ومصـر ودول الخليــج والآن في العراق. ولقــد وضعــت الغالبيــة العظمـى مـن هــذه الـدول تعاليــم ديننــا الحنيــف نصــب أعينهــا، وأوصلــت تلــك التعاليــم إلـى دول العالــم التــي انبهرت بها وأيضــاً نبذت التطرف الدينــي مـن بعــض الأقــــليــات.
ومــا دام منابرنــا واحــدة ومذاهبنـا واحدة وديننا واحد وصلاتنـــا واحدة وقبلتنا واحدة، فلماذا لا تكون لنـا قبـة واحدة نتداول مـن تحتهـا أهدافنــا ومصالحنا ونحمـي أنفسنــا مـن الأخطار التي تحدق بنــا، والمطلوب هنا حيث إن الوقت قد حـان لتوحيد جيوشنا وتكون لنا نقاط تأثيـر في حمايـة أراضينــا وشواطئنا، والاتخاذ مــن الأزهـر الشريف مرجعيتنــا ووضــع المفاهيــم للمجلــس العربــي لحقوق الإنســان والمحكمــة العربيـــة تراعــي فيهـا ظروفنـا ومبادئنــا وشريعتنـــا، وتوضـع لهـا دستــور مـن قبـل ملوك ورؤساء هــذه الــدول تطبق وتلزم الجامعة العربيــة باحترامها وجميـع الاتفاقيات التي وقعـــت من قبـل الدول العربيـــة خارج إطــار الجامعــة، تكـــون للجامعــة دور فيهــا للمتابعــة وحمايـة الحقــوق،
فــإن الدول العربيــة أراضٍ مقدسـة وطاهرة ولها رب يحميهــا، ولديهــا من الجيوش والأسلحــة والذخيــرة ما يكفيهــا مدى الحيــــاة، ونفـط ومـال تستطيــع أن نزرع ما نشــاء ونبنــي ما نشـــاء ومياه تكفـــي للزراعة والصناعـة وعقــول بشريــة ضخمـة بحاجـة إلـى تشغيلهــا من غيـر الاستعانة بالآخرين. المطلـــوب هنــا إعادة النظر في المجلـس الأعلــى للدول العربيــة من خلال زيادة التقارب والاجتماع المستمــر لمتابعـة الأهداف المبدئيــة والرئيسيـة لإنجازاتها، فتتعاون علـى البر والتقوى وتعزيز اقتصادهــا ونبــذ الخلافات في حالــة وقــوعهــا وتصفــي اجوائهــا بضوابط تتفـــق عليهــا وتعتمــد وتطبــق مـن خلال الجامعــة العربيــة بعـد أن كانت علــى مشارف الانهيار لولا يقظة سكانهـا ورؤسائها وسعـة صدورهـم.
لنزرع الثقــة والشجاعة في قلوب الأجيـــال القادمــة ونثبــت في قلوبهــم رايــة التوحيــد التــي تجمعنـا كلنــا. وثقتـي كبيــرة جــداً في صاحب الجلالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعــــود وفخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حفظهما الله ورعاهــما وأنـــا علـى ثقــة تامـة أنهـما باستطاعتهما أن يقودا الدول العربيـة إلـى بـر الأمان وإبعاد الأخطــار التــي تحدق بنــا بالحكمــة والدرايــة التي وهبهــا اللــه عــز وجـل إليهــما ليكونا سنــداً لنـــا وللأجيــــال القادمــة لتعيــش بعزتهـــا وكرامتهــا وتكون محل الاحترام للآخرين أصحـــاب المخططات الفاشلــــة.