سقطت أجزاء من سقف مجمع «الإنماء» الملاصق لنادي الرفاع الشرقي يوم أمس الأول، ومع انتشار الأخبار وما بثته وسائل التواصل الاجتماعي من صور وفيديوهات كنا نتخوف من وجود أنباء عن إصابات بين الناس أو أسوأ من ذلك، لكن الحمد لله بأنه سلم.
تخيل نفسك بأنك تسير في مجمع تجاري يرتاده الآلاف وفجأة من دون سابق إنذار يسقط على رأسك السقف، تتهاوى حجارة من أعلى وأنت لا تدري!
من حق الناس أن يتخوفوا ويفكروا في ذلك، ومثلهم فكرت شخصياً، إذ قبل نصف ساعة من تهاوي أجزاء من سقف المجمع كنت أتسوق فيه. ومع توارد الأنباء قفز إلى رأسي تساؤل مباشر: ماذا لو كنت سائراً تحت مكان الانهيار؟ ولو سقطت هذه الأجزاء على رأسي؟!
تخيل مخيف وتفكير مقلق، ولا تلوموا الناس حينما يبالغ بعضهم ويتخوف من تساقط الحجارة والجبس والطوابيق على رؤوسهم في أي مجمع يرتادونه، فما حصل أمر سيتحول لكارثة حقيقية لو بالفعل سقطت الأجزاء على الناس أو الأطفال في المجمع.
أين الخلل، ولماذا حصل ذلك؟! سؤال يريد معرفة إجابته جميع الناس. وبانتظار نتائج التحقيق المفروض إجراؤه بشأن الحادثة، الناس ستضع العديد من الافتراضات وستحلل الأسباب التي أدت لذلك.
طبعاً أول الأسباب وربما أقواها ستتعلق بجودة البناء أو أجواء الديكور في السقف كما قيل بأن الذي سقط ليست أجزاء من السقف بل الديكور، رغم أن الصور التي نشرت تبين بأن ما سقط أكبر وأخطر من كونه مجرد ديكور، هذه حجارة صماء ومواد بناء بإمكانها أن تزهق الأرواح.
هل الخلل في عملية البناء، أو التخطيط الهندسي، أو المواد المستخدمة في عملية البناء، وما إذا كانت ذات جودة عالية أو مواد تجارية، أو الخلل في متعهد البناء ومدى خبرته ومدى حرفية عمله؟!
كلها تساؤلات تحتاج إلى إجابة، الناس أصابها القلق والذعر والمطلوب أن يتم تفسير ما حصل لهم، وإلا فإن عملية إشاعة القلق والخوف ستكون أبسط عملية تمارس اليوم، سواء أكانت مرتبطة بنفس المجمع أو مجمعات أخرى.
وهنا لا تنسوا بأن هناك العديد من الحوادث التي حصلت وتركت أثراً سلبياً لدى الناس ودفعت بعضهم للتخوف والتوجس، وأقرب ما نفكر فيه هنا بشأن مسألة مرتبطة بالتصميم والبناء وضمان الجودة والسلامة هي تلك الحوادث التي سقطت فيها سيارات من على «الجسور العلوية» المشيدة في بعض الشوراع الرئيسية.
في الدول المتقدمة أكثر ما يحرصون عليه هي اشتراطات الأمن والسلامة، وفي كل أعمال الإنشاءات يكون الحرص على اختيار متعهد التنفيذ الذي يضمن هذه الإجراءات والذي يستخدم المواد عالية الجودة.
وهنا لا نفشي سراً حينما نقول بأنه حينما تتم ترسية مناقصات لإنشاء مشاريع أو مجمعات أو جسور وغيرها، يكون التنافس بين مقدمي العطاءات على تقديم السعر الأنسب لصاحب المشروع، وطبعاً التقليل في السعر دائما يكون على حساب مواد البناء أو تكلفة الأيدي العاملة، طبعاً هذا «أصرف» لصاحب المشروع ولمتعهد البناء، لكن المشكلة تكون حينما ينكشف المستور ويتضح بأن ما استخدم ليس بالقوة والمتانة التي تضمن سلامة الناس.
يا جماعة الخير الإنشاءات التي لها علاقة بالناس سواء حدائق ومجمعات وحتى بيوت سكنية، كلها مشاريع لها ارتباط وثيق بالناس، الحرص على معايير الأمن يجب أن يكون العنصر الرئيسي الذي بدونه لا يجب القيام بتنفيذ أي مشروع.
والله آخر ما نحتاجه اليوم في البلد أن يسير المواطن في مجمع ويسقط السقف على رأسه!